حيدر رزاق شمران
احتضنت العتبة العلوية المقدسة المهرجان العلوي الثاني بمشاركة العديد من الشخصيات العربية والاسلامية والاجنبية احتفاء وتيمناً بذكرى ولادة سيد الاوصياء الإمام علي بن أبي طالب(عليه السلام).
فاستقبلت وفودا كثيرة أقبلت من دول العالم المختلفة لتبعث تهنئتها للعالم من الضريح المقدس، مجددة العهد في السعي الى بث رسالة الإمام علي(عليه السلام) السمحة الى الانسانية جمعاء.
قدمت العتبة العلوية المقدسة دعوات لمختلف المؤسسات الدينية والاكاديمية والثقافية وممثلي العتبات المقدسة في العراق وخارجه، من دولٍ عدة كجمهورية ايران الاسلامية ودولة الامارات العربية المتحدة ومملكة البحرين وعمان والكويت ولبنان، وأخرى قدمت من دول جنوب شرق آسيا -كالهند وأندونيسيا- من الطوائف كافة، فضلا عن الشخصيات الاكاديمية والعلمائية من مختلف الطوائف على مستوى القطر، وبخاصة من كردستان العراق.
وقد حرصت الأمانة العامة للعتبة العلوية المقدسة على أن تكون هنالك رعاية خاصة لضيوف المهرجان، فاستنفرت أقسام العتبة المقدسة كافة للاحتفاء بضيوف المهرجان الكرام، إذ تم تهيئة أروقة الحرم الشريف واماكن الضيافة على أكمل وجه، وكان لقسم العلاقات العامة دور بارز في التعاون والتنسيق مع مختلف الدوائر الرسمية ذات العلاقة في المحافظة لتسهيل هذه المهمة.
كلمة السيد محمد بحر العلوم:
تضمن الحفل كلمات تقدم بها علماء وافاضل ومثقفون بارزون، كان في صدارتها كلمة للدكتور السيد محمد بحر العلوم القاها نيابة عنه نجله السيد محمد علي بحر العلوم وقد جاء في كلمته: «إننا من الموالين للإمام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب(عليه السلام)، واصرارنا على ولائنا نابع من صميم عقيدتنا الايمانية المستخلصة من واقع اسلامنا الرسالي الذي نادى به رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم).
والخصائص التي اختص بها الإمام علي(عليه السلام) كثيرة تميز بها عن سائر المسلمين، وُشّح بها وشاحاً أبدياً لم يتّشح به غيره من الصحابة والتابعين، منها انه(عليه السلام) ولد في بطن الكعبة، وهو ربيبُ رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم)، وهو اول من صلى من الرجال مع النبي الأكرم (صلوات الله وسلامه عليه)، وأول من أسلم وآزر وناصر رسول الانسانية وهو من بات في فراشه وتحمل مسؤولية حماية نبي الامة من المؤامرة والغدر، ولم يفارق الرسول الأكرم في جميع غزواته إلا غزوة واحدة تركه فيها عيناً له على المدينة المنورة، وتميز بمناقب كثيرة اختص بها دون غيره سلام الله عليه).
كلمة الامين العام للعتبة العلوية
بعدها ألقى الامين العام للعتبة العلوية المقدسة الشيخ ضياء زين الدين كلمة بهذه المناسبة، جاء فيها: «نقيم مهرجاننا هذا بمناسبة مرور أربعة عشر قرناً على تسلم أمير المؤمنين علي(عليه السلام) للحكومة الالهية حكومة مهد لها الانبياء والرسل كافة وبدأ بها الرسول الأكرم(صلى الله عليه وآله وسلم) منذ أن صدع بهدايته وجعل الامام عليا أخاً له، وأوصى به حين قال من كنت مولاه فهذا عليٌ مولاه..
حكومة وصلت الى عليٍ(عليه السلام) بعدما حادت سبل المسلمين عن طريق الحق، فتحملها عليٌ(عليه السلام) صابرا محتسبا برغم كل ما لقيه من المارقين والقاسطين، مؤسسا لدولة العدل والإنسانية في أسوة لكل العالمين».
ومن هذا المنطلق أكد سماحته على ان «علينا ان نربي انفسنا تحت راية المرجعيات العليا التي تجعلنا في الخط الصحيح الذي يمضي بنا في مبادئ علي وحكومته العادلة».
كلمة الشيخ نجم الدين الطبسي:
من جهته أعرب رئيس وفد الجمهورية الاسلامية الايرانية سماحة الشيخ نجم الدين الطبسي عن سعادته بهذا المهرجان قائلا: «يسعدني ويشرفني باسم وفد الجمهورية الاسلامية الايرانية أن أبين ما يختلج في نفسي بحق أمير المؤمنين(عليه السلام) بذكر مناقبه بدءً من ولادته عليه السلام في الكعبة المشرفة».
واضاف: «ان بعض المغرضين يحاولون تضليل هذه القضية وينوهون الى ولادة غير أمير المؤمنين في الكعبة للتقليل من شأن ولادة سيد الأوصياء أمير المؤمنين(عليه السلام) في بيت الله الحرام». وتطرق الطبسي الى ذكر مناقب أمير المؤمنين (عليه السلام) في مؤلفات اخواننا السنة مقدما عرضا للكثير من الأحاديث في حُبِّ علي(عليه السلام).
كلمة اتحاد علماء الدين الاسلامي في كردستان
وفي السياق ذاته ألقيت كلمة اتحاد علماء الدين الاسلامي في إقليم كردستان ممثلاً بالشيخ عبد الكريم سعيد محمد الشهربازار، اعرب فيها عن تشرف وفد كردستان بالحضور لإحياء هذه الذكرى العطرة.
واضاف: «ان امير المؤمنين رجلٌ أحيا تاريخ الانسانية بمناقبه وشجاعته الخيبرية النادرة، وإن اعتزاز الامة الاسلامية بمثل هذه الشخصية العظيمة بمكانها لأن علي بن أبي طالب هو وليد بيت الله الحرام ووليد الايمان النقي لأنه آمن برسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) وعمره لم يتجاوز ثماني السنوات وهذا يدل على أن وجهه الكريم لم يشهد عصر الكفر والضلال، وسيدنا علي هو صاحب المناقب الني نطق بها القرآن الكريم وهو يقول: (ويطعمون الطعام على حبه مسكيناً ويتيماً وأسيراً)، وهو الشخص الذي شهد الرسول له بلسانه بأخوّته وايمانه. وإن علياً يحمل في طيات تاريخه أنه ولي بلسان الرسول الكريم(صلى الله عليه وآله وسلم) إذ قال: (من كنت مولاه فهذا عليٌ مولاه) وهذا يدل على أن سيدنا علياً يستحق أن تحيا ذكرى مولده كل عام ويكون المسلمون في مستوى التأسي بمبادئه الكريمة والتأثر بفعاله ومواقفه الخالدة».
كلمة الدكتور محمد حسين الصغير
من جانبه قال الاستاذ الدكتور محمد حسين الصغير في كلمته: «في الثالث عشر من شهر رجب قبل البعثة النبوية ولد هذا الكوكب الهادي في بيت الله الحرام وفي الكعبة المقدسة، وقد نشأ في ظل رسول الله، وأسلم دون سن تكليفه الشرعي وظل رفيق رسول الله(صلى الله عليه وآله) طوال حياته في مكة وفي هجرته حتى التحاقه بالرفيق الاعلى».
واستعرض الدكتور الصغير مناقب وفضائل أمير المؤمنين في بدر وأحد والغزوات الاسلامية الاخرى، وما نقله المستشرقون عن امير المؤمنين(عليه السلام) إذ وصفوه بأنه رجل العدالة الانسانية ومؤسس حقوق الانسان.
وبين الصغير مواقف أمير المؤمنين(عليه السلام) أيام حكومته في بسط العدل وإحقاق الحق وما فرضه على عمّاله على الامصار في قيادة الرعية بالعدل والاحسان,
ثم تطرق الصغير الى مدينة امير المؤمنين قائلا: «ان مهمة النجف الأشرف مهمة رسالية عالمية، رسالتها سمحة تنبذ الطائفية والتفرقة، وإن الدعوة لهاتين الصفتين تعد أكبر خيانة لأبناء الدين الواحد، فينبغي علينا التكاتف والتآلف ونبذ الطائفية بين أبناء الدين الواحد».
كلمة الوفد المسيحي الضيف
وألقى كلمة الاخوة المسيحيين رئيس الوفد الاب انطوان ضو الامين العام لهيأة الحوار الاسلامي المسيحي، جاء فيها: «إن الامام علياً وأهل البيت ليسوا هنا وحسب بل هم في جبل عامل يدعمون المقاومة في بسط الحق والعدل، لذا نقول لكم إن الامام علياً موجود عندنا بمبادئه التي تدعو الى العدالة والمحبة والرحمة والإخاء، فلماذا لا نتعاون مع بعضنا في إحلال السلام.. ليس في الشرق الأوسط فحسب بل في انحاء العالم.
فلنضع يدنا بيد بعض ونعلم أن السلام هو هبة الله تعالى لنا، والناس بأمس الحاجة في هذه الظروف الى ولادة مبادئ الروح الدينية».
وعلى صعيد ذي صلة صرح الاب انطوان في تصريح خص به مجلة الولاية قائلا: «اننا نشكر الله تعالى بان اسرى بنا من لبنان مسلمين ومسيحيين لزيارة العتبات المقدسة والمشاركة في هذه الذكرى المباركة.
نحن اتينا هنا للصلاة والدعاء لكي يرحمنا الله تعالى جميعا وليعطينا نعمة الوحدة والمحبة والسلام، ان المسيحيين والمسلمين يشكلون نصف البشرية وهم مدعوون -لاسيما من هذا المكان الطاهر – الى ان يتعاونوا على الخير وعلى البر وان يعملوا من اجل العدالة والسلام في العالم، وان يلتزموا بتعاليم القران الكريم والانجيل، وبخاصة في رفض كل فتنة وتقسيم بين المسلمين انفسهم وبين المسيحيين والمسلمين فنحن اخوة في الإنسانية مثلما قال الامام علي».
كلمة وفد طائفة الموحدين الدروز
القى الشيخ كامل العريضي عضو لجنة العلاقات العامة في مؤسسة الاشراف الدرزية كلمة باسم وفد طائفة الموحدين الدروز في لبنان جاء فيها: «ما أبهى ان نلتقي اليوم تحت مظلة من أشرقت الكعبة المشرفة بولادته، وأضاءت مكة بطلعته وأعجز البلغاء بحكمته وأذعن الابطال لشجاعته، باب مدينة علم رسول الله، أسُّ الثقلين وصهر بيت النبوة وزوج البتول ووالد سيدي شباب أهل الجنة، من افتدى الرسول بنفسه في فراشه، مثال كل راغب، عنوان كل مجاهد، مرجع كل أديب وشاعر وكاتب، أسد الله الغالب، أمير المؤمنين، الإمام علي بن أبي طالب.
لقد أهدى الامام بعلمه الى العالم رسالة كتبها بمداد معرفته حرفاً حرفاً، فجرت على أسلات لسانه بماء الحياة صرفا، نبأ عظيم وصراط مستقيم، وأضحى للإنسانية عنواناً ولها قدوةً ونبراساً وإحساناً.
فالامام علي(عليه السلام) لا يُحصرُ بطائفة ودين، لأنه شخصية عالمية عابرة للحدود والاديان، أليست سيرته العطرة ونهج بلاغته نهراً دفّاقاً يرتوي من معينه كل إنسان؟
واضاف العريضي: «أيها الحضور الكرام جميلٌ أن نتكلم عن صفات الامام، ولكن الاجمل هو الاقتداء به والامتثال لأوامره والعمل بأقواله لكي نرتقي الى هذا المستوى، علينا فقط أن نكون محبين له، لأن محبته تعني المحبة الشاملة للخير والفضيلة بعيداً عن التعصب والتقوقع اللذين أرادهما الاستعمار لبلادنا العربية والاسلامية، فالمحبة تضيء النفوس بآيات الله البينات وأسمائه التامات وأنواره الشعشعانيات، وتجلوها من الصدأ فتصبح مرآة تنعكس على صفحاتها أنوار التوحيد الذي كان للإمام الفضل الأمثل في رفع رايته والدفاع عن احقيته والاستشهاد من اجله وليس بعد الشهادة كلام، لانها للمؤمنين مسك الختام».
كلمة سلطان طائفة البهرة
وعبرت كلمة سلطان طائفة البهرة المفضل بن السلطان محمد برهان الدين التي تلاها نيابة عنه السيد محمد علي الحكيم عن عمق مشاعر هذه الطائفة إزاء هذه المناسبة العظيمة إذ قال: «إنه لمن دواعي السرور لي بل من سعادة حظي أن يسَّر الله لي أن أغترف غرفة من بحر فضائل أمير المؤمنين صلوات الله عليه المتلاطم وأتشرف بذكراه سلام الله عليه في رحاب مقامه الشريف بأرض الغري المشرقة بأنواره.
واضاف: «ولد مولانا علي(عليه السلام) في داخل الكعبة، ولم يولد أحدٌ سواه قبله ولا بعده، وحين ولد كأنما ولد الاسلام والايمان، وكأنما كان مولده ثمة إيذانا بعهد جديد للكعبة وللعبادة فيها، وإيذاناً بأن من هذا المقام سوف ينتشر دين الإسلام دين الحق في أنحاء العالم الذي وعد االله بإظهاره على الدين كله».
وجاء في الكلمة ايضاً: «كفانا فخراً أننا من أمة نبينا محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) التي هي خير امة أخرجت للناس، ومن شيعة أمير المؤمنين الذين بشرهم نبينا بالفوز، وحين نحمد الله العزيز القدير على هذه النعمة الجليلة ندعو الله سبحانه أن يوفقنا أن نعتصم بحبل الله جميعا ونكون جنداً مجندين لنبينا ووصيه في أداء رسالتهما الجليلة، ونبذل جهودنا في كسر أصنام الضلال من قلوبنا إذ إن قلب المؤمن أجل شرفاَ من الكعبة، وأن نطهر قلوبنا من أنجاس الحقد والغل والبغض ونكون إخواناً في الدين ونجاهد بسلاح المحبة والأخوة والمودة لإقامة الدين الحنيف».
كلمة رئاسة ديوان الوقف الشيعي
وأعرب الشيخ علي الخطيب نائب رئيس ديوان الوقف الشيعي عما يجيش في صدره في هذه المناسبة قائلا: «التهاني والتبريكات لامتنا الاسلامية عامة ولخط أهل البيت خاصة بمناسبة مولد أمير المؤمنين الذي قال فيه ابن ابي الحديد: «وما اقول في رجل تنمى اليه كل فضيلة وتتجاذب اليه كل فرقة فهو رئيس الفضائل وينبوعها.
والجميل في هذه الامسية هو مشاركة عدد كبير من السادة العلماء من مختلف الديانات وابناء الطوائف المختلفة فيها، فنحن نحتاج الى ان نذكر بتراث أمير المؤمنين خاصة فيما يتعلق بعهده الى مالك الاشتر وكيف اوصى بادارة البلد وبادارة الحكومة وما المطلوب من الحاكم في اي موقع كان» .
وعلى صعيد ذي صلة اكد الدكتور علي الحجي عضو مجلس ادارة العتبة المقدسة بان هذا المهرجان ياتي في اطار النهج الذي تحرص عليه العتبة في احتضان هذه الوفود الكبيرة القادمة من مختلف دول العالم، اذ جاءت هذه الوفود لتهنئ العالم الاسلامي من هذا الضريح المقدس وتجدد العهد لمولانا الامام علي(عليه السلام).
واضاف قائلا: «قدمت العتبة العلوية المقدسة مسبقا دعوات للمؤسسات الدينية والاكاديمية والثقافية وممثلي العتبات المقدسة في داخل العراق وخارجه للمشاركة في هذا المهرجان، فضلا عن شخصيات من دولٍ عدة منهم من جمهورية ايران الاسلامية ودولة الامارات العربية المتحدة ومملكة البحرين وعمان والكويت ولبنان والعديد من شخصيات التي قدمت من دول جنوب شرق آسيا من الهند وأندونيسيا ومن الطوائف كافة، إضافة الى الشخصيات الاكاديمية والعلمائية من داخل العراق وبخاصة من كردستان العراق».
وتابع الدكتور علي خضير حجي: «نحن نستعد للمهرجان الدولي الكبير الذي سينطلق إن شاء الله تعالى في العام المقبل في شهر رجب 1426هـ بمناسبة مرور 14 قرن لاتخاذ الامام أمير المؤمنين الكوفة عاصمة للدولة الاسلامية».
من جانبه اشار الأستاذ شريف عزيز القادم من اقليم كردستان العراق الى خصائص سيد البلغاء قائلا: «نحن في هذا اليوم المبارك مناسبة ذكرى مولد سيد الديمقراطية سيد الحرية سيد الانسانية ومن أسس بنيان الديمقراطية في حينه، مولد من هو اساس العلم من هو مخزن اسرار النبوة مولد اهل الفكر، الا وهو مولد امير المؤمنين علي (عليه السلام) نحن بهذه المناسبة نتقدم بأسمى آيات التهنئة والبركات للعالم».
اناشيد ولائية بالمناسبة:
وللأناشيد الولائية حضور فاعل في هذه المناسبة العظيمة، إذ أنشدت هيأة المرتضى للإنشاد الإسلامي التابعة لقسم الاعلام في العتبة العلوية المقدسة مجموعة من قصائد الولاء لعلي(عليه السلام) وذكر مناقبه التي ملأت الخافقين، فأمتعت أسماع الحاضرين من ضيوف المهرجان وزوار المرقد العلوي المحتشدين في هذا الحفل البهيج الذي أقيم في الصحن العلوي المبارك .
الجدير ذكره ان العتبة العلوية المقدسة تقيم هذا المهرجان للمرة الثانية على التوالي بمناسبة الولادة الميمونة لامير المؤمنين(عليه السلام) وتدعو اليه عددا من الشخصيات البارزة على الساحة المحلية والدولية انطلاقا من موقع صاحب المناسبة الانساني.
نشرت في الولاية العدد 82