«الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِندَ رَبِّكَ ثَوَاباً وَخَيْرٌ أَمَلاً»(الكهف/46) الإنسان يبحث دائماً عن الزينة والجمال والنظافة وكل ما يسر الناظر هكذا فطر الانسان وكذلك يجب أن يكون، الله عز وجل هو الخالق وهو الرازق وهو العليم بحالنا وقد أمرنا في مواطن كثيرة أن نسعى لتكون حياتنا جميلة مزينة بكل معاني الجمال « قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنْ الرِّزْقِ»(الأعراف/32) وربما من أجمل معاني الزينة المادية الطبيعة الجميلة الجدران الجميلة المزينة ببعض الفنون والزخارف التي تسر القلب وتزرع البهجة في النفوس وعندما يقصد الزائر مراقد أهل البيت(عليهم السلام) يتحين الفرصة ليتعرف على أنواع الفنون التي وُزّعت في أروقة الروضة العلوية المقدسة، أمّا الشعبة المسؤولة عن هذه الفنون والاعمال الفنية الراقية فهي شعبة المنقوشات، ولكي نفتح الباب أمام الزائر ليتعرف على هذه الشعبة وفنونها، أعددنا هذا التقرير عن هذه الشعبة.
قبل أن أجري الحوار مع مسؤول الشعبة تجولت في أروقة هذه الشعبة لأتعرف أولاً على أقسامها ومحطاتها الفنية فكان شيءٌ مبهرٌ يأخذ بتلابيب الفكر والعقل والقلب، ولأتعرّف أكثر على هذه الفنون التي يتقنها اصحابها في هذه الشعبة والتي يبدو انها لم تأخذ حقها إعلامياً، فكان لقاءً مختصراً مع المهندس عباس رياض عباس مسؤول شعبة المنقوشات ابتدأته السؤال عن ماهية هذه الشعبة، فكانت الإجابة: “تتألف هذه الشعبة من ثماني وحدات مختلفة الفنون لكل اختصاصها فمنها مختص بالنقش على المرمر القديم والذي كان موجوداً داخل الروضة المنورة، بدأت هذه الشعبة عملها في النقش على الأخشاب وكذلك على الزجاج وهناك الكثير من الأعمال الفنية الموجودة داخل الروضة العلوية المطهرة هي من نتاج جهود شباب هذه الشعبة”.
مثل هذه الفنون وهذه الزخارف لا تخلو من الخبرة الأجنبية أو بعض الاستشارات وعندما وجهت هذا السؤال للمهندس عباس رياض، سارع بالقول: “حالياً نعتمد فقط على الخبرات الداخلية أي خبرات الفنانين في هذه الشعبة وكل ما تشاهده من لوحات وأعمال نقش وتزيين هي بأيدي منتسبي هذه الشعبة، وهذا لا يعني أنّنا لسنا بحاجة إلى الخبرة الأجنبية أو التطور وسعينا لزيارة بعض الدول المجاورة للتعرف على تجاربهم الفنية وإن كان بالإمكان نقلها إلى هنا فهذا ما نتمناه، وقد قدمنا طلباً ونأمل الموافقة عليه ليتسنى لنا السفر إلى هذه الدول ومنها الجمهورية الإسلامية وبعض الدول الإسلامية الأخرى التي تشتهر بهذه الفنون”.
تنتشر في العراق المزارات والمراقد المقدسة لأئمة أهل البيت والكثير من مراقد الأنبياء والصلحاء وأبناء الأئمة(سلام الله عليهم)، لذلك تستعين هذه المزارات بالخبرات المتوفرة أولاً في الداخل وبما أنّ شعبة المنقوشات قطعت شوطاً لا بأس به من التجارب الفنية فتساءلت هل استفادت هذه المزارات من هذه الفنون المتوفرة في العتبة العلوية؟ كان جواب رياض عن هذا التساؤل: “نحن على أتم الاستعداد لتلبية طلبات هذه المزارات لما لدينا من خبرات وتجارب متراكمة ولكن لحد هذه اللحظة لم يُطلب منّا ذلك سوى بعض الأعمال البسيطة وتمّ إنجازها ونأمل أن نعزز هذه الخبرة ونزيد من رقعة أعمالنا الفنية لتتجاوز حدود العتبة العلوية المقدسة إلى باقي المزارات والأماكن المقدسة الأخرى.
وأنا أطرح الاسئلة على المهندس عباس خطر على بالي هذا السؤال وهو: بما أننا إعلاميون فلماذا لا نلبي طلب هذه الشعبة في نشر هذه الفنون عبر وسائل الإعلام فسألته عما يريدونه من الإعلام، فقال بتواضع “نودّ من الإعلام أن يسلط الضوء على هذه الفنون من خلال وسائله الإعلامية الذاتية ومن خلال دعوة القنوات الفضائية الأخرى ونقل هذه الصورة الحقيقية عن هذه الفنون وهذه الخبرات والتجارب التي ملأت أركان الروضة العلوية المقدسة وهناك الكثير الذي لم يُعرض”.
رأيت وأنا أتصفح وحدات هذه الشعبة أنّ من الضروري أن يكون لهذه الشعبة منظومة إعلامية مستقلة لتستطيع أن توصل كلّ ما لديها للعالم الخارجي فبادرته بهذا السؤال، فأجاب رياض قائلاً: “كان لدينا هكذا وحدة ولكن تابعة لقسم الصيانة مباشرة ولم يكن عملها بالمستوى المطلوب أمّا الآن بدأنا بالاستعانة بمواقع التواصل الاجتماعي لسرعة وسهولة النشر ونأمل بالمستقبل أن يكون لنا وحدة إعلامية مستقلة بعونه تعالى”.
بعد أن أنهينا اللقاء مع المهندس عباس رياض اتجهنا إلى إحدى وحدات هذه الشعبة وهي وحدة (السي أن سي) كما يُطلق عليها التقينا بمسؤول هذه الوحدة ليعطينا فكرة مختصرة عن عمل هذه الوحدة فكان باستقبالنا المنتسب علي نعمة مسؤول هذه الوحدة وأجاب على أسئلتنا باختصار ابتداءً تحدث عن عمل هذه الوحدة قائلاً: “عمل هذه الوحدة هو عبارة عن النقش على الخشب والأحجار الكريمة والحجر وكذلك التقطيع وحفر بعض المخطوطات بأجهزة الكترونية على الخشب”، أمّا عن تاريخ افتتاح هذه الوحدة فرد المنتسب علي قائلاً: “افتتحت هذه الوحدة عام 2013م ومن أهم أعمالها صناعة وتركيب شبابيك باب الساعة والباب الزينبية في المكتبة وبعض الاعمال الفنية داخل الروضة المقدسة وكذلك الشبابيك الخشبية لمقبرة الشيخ الأنصاري والمقبرة المقابلة وأعمال أخرى قامت بها هذه الوحدة، وهناك فنانان في هذه الوحدة ونتمنى تطوير هذه الوحدة من خلال استقدام بعض الأجهزة الالكترونية واستقطاب بعض الكوادر الفنية” انتهت جولتنا في هذه الشعبة إلى
هذا الحد وإن كنا قد تجولنا في وحدات أخرى ورأينا ما أبهرنا ولكن نعد القراء الأعزاء أن نرفدهم بأجزاء أخرى من هذه الشعبة في الأعداد المقبلة إن شاء الله…
نشرت في الولاية العدد 95