الأستاذ حسين العاملي

%d9%a2%d9%a0%d9%a1%d9%a6%d9%a0%d9%a4%d9%a2%d9%a5_%d9%a1%d9%a5%d9%a4%d9%a0%d9%a1%d9%a2علي الوائلي

رحلة في معرفة النفس والثقة بالذات من خلال الأستاذ حسين الشيخ علي جعفر العاملي مدير المركز الأول لتنمية القدرات الفكرية وتطوير الشخصية في بيروت لبنان، هي محطة وقفت عندها مجلة الولاية لتتعرف على ملامح هذه الرحلة، فكنا في هذا الحوار مع العاملي وعلى هذه السطور :

بداية كيف تقومون بعملية تدريب الفرد على معرفة النفس؟
ان معرفة النفس هذا العلم الشائع والشائك في الوقت نفسه الشائع باسمه فقط والشائك في الوصول اليه ونحن نقوم بتدريب الفرد على الدخول هو بنفسه الى عالمه نعلمه على استخدام قواعد فكرية معينة وسلوكية معينة يستطيع من خلالها ان يتعرف على ثغراته وعلى مشاكله على اضطراباته الفكرية وليس على أمراضه النفسية لأن النفس لا تمرض والذي يضطرب هي الأفكار وأما شيوع هذا المصطلح أي الأمراض النفسية فهو شائع ولكن ليس بعلمي دقيق.
ما ابرز القواعد التي وضعتموها للمتدربين في الدورات؟
إننا نعطي ما نسبته ثمانون بالمائة من الدورة للتدريب على استخدام بعض الآليات الجديدة فنحن كما هو معلوم منذ الف واربعمئة عام نفقد آليات فكرية كثيرة جدا، ولأقدمَّ مثالا على ذلك الإمام زين العابدين عليه السلام اذ يقول في رسالة الحقوق وتحديدا من خلال حقوق الصغير(وأما حق الصغير فرحمته وتثقيفه وتعليمه) فالرحمة انها موجودة والتعليم موجود ولكن آليات التثقيف أصبحت غير موجودة على الإطلاق والمعنى التبسيطي الذي يعطى لهذه الكلمة التثقيف بمعنى التعليم او التهذيب وهو معنى مبسط جدا وليس له مدلولات حقيقية أمام هذه المصطلحات الكبيرة التي استخدمها الإمام عندما استخدم مفهوم الرحمة ومفهوم التعليم وكل منهما له آليات تتقاطع وتختلف، فمن هنا ان التثقيف له آليات مختلفة عما هو شائع فبهذه الطريقة يستطيع المتدرب ان يدخل الى أفكاره ليحدد الأفكار والسلوكيات السلبية التي جعلت منه مرهقا تعبا وكذا وكذا الخ بطريقة مبسطة جدا .
كيف يمكن الدخول بالنسبة للفرد إلى نفسه سيما أن هذه الدورات عادة ما تكون بشكل مكثف؟
يقول الإمام علي عليه السلام (العقول أئمة الأفكار والأفكار أئمة القلوب) أي ان الفرد يدخل إلى ذاته عبر الأفكار, ما هي الأفكار التي يحملها ما نوعها من أين أتت من أين جاءت كيف وافق على وجودها كيف يوافق على استخدامها طبعا كل هذه العناوين تحتاج الى شروح وهنالك قول آخر للإمام الحسن المجتبى عليه السلام يقول (عجب لمن يتفكر في مأكوله كيف لا يتفكر في معقوله) فالمعقول هنا هو ما وضع في العقل سواء كان صحيحا أم خاطئا ونحن في هذه المنهجية لا نعقد الأمور بل نبسطها الى ابعد ما يتصور المتدرب نفسه فالدين الإسلامي دين اليسر وضع معرفة النفس طريقا الى معرفة الله عز وجل فالدين كله يسر فكيف تكون المعارف عسر فهذه المفارقة منهجية؟
هل هذه الدورة تكفي للشخص المتدرب ام انه يحتاج الى سلسة من الدورات؟
عادة ما نفضل ان تكون هناك أكثر من دورة ولكن بفترات متباعدة لأننا لم نتعود على هذه الآليات من التفكير فترسيخها يحتاج إلى فترات زمنية، ولنعطي مثلا، لو افترضنا بأننا في مجتمع لم تصله السيارة بعد ولأول مرة تدخل السيارة سوف تعلّم احد الأفراد على قيادتها ولكن بعد فترة سوف تشعر بأنه بحاجة أن يتعلم مرة أخرى بان القيادة هي فن جديد عليه فلذلك لا بأس من تكرارها أكثر من مرة والعتبة العلوية في سعيها الدائم لتطوير قدرات منتسبيها أقامت بالتعاون مع مركزنا في العام 2013 ثلاث دورات تدريبية وهذه هي المرة الثانية التي نقيم فيها الدورة .
هنالك بعض الأشخاص لا يثقون بذاتهم فكيف يمكنهم تقويم أنفسهم؟
المشكلة ليست في انه لا يثق بذاته المشكلة انه لا يعرف كيف يثق بذاته ولا يعرف ما هي الأفكار السلبية التي أنتجها سابقا وقد أدت به الى انه لا يعرف ذاته فنحن عندما ندربه بطريقة معينة على التعرف على هذه الأفكار السلبية ونعرفه على نتائجها سوف يعلم ان عدم ثقته بنفسه هو من صناعته أيضا هو الذي أنتج هذه الأفكار السلبية وأنتجها بإرادته لكن دون أن يعلم بأنها سلبية ودون أن يعلم إن نتائجها عدم الثقة بالنفس وهذه المفارقات بالإمكان أن ندرب عليها الأفراد بكل يسر وسهولة .
هنالك بعض الأفكار السلبية أو المشاكل التي تجعل الفرد يحوم حولها أو يفكر فيها هل من حلول للخلاص منها؟
الخطوات الأساسية لكل مشكلة فيما تسمى (مشكلة نفسية) فهي بالأساس ليست مشكلة نفسية وقد يبدو هذا الكلام جديدا على القارئ حقيقة هي اضطرابات فكرية كأن يكون لديه أثاثا في منزل لكنه لم يوضع بشكل جيد ولم يوضع حسب خارطة مدروسة وحسب تصور يتناسب مع هذا الأثاث فيبدو المشهد وكأنه اضطرابا حصل في البيت في عالم العقل الذي لا يوجد به إلا الأفكار، فهناك اضطراب وهذا الاضطراب يتمخض عن إنتاج أفكار سلبية والموافقة عليها واستخدامها لاحقا كسلوك، هذه الأفكار ذات الشحنة السلبية تتعارض مع المنظومة القيمية الفكرية الايجابية للشخص فيحصل هذا الاضطراب الفكري الذي يعلم بوجوده ولكنه يسميه حالة نفسية او مرض نفسي، نحن لا نؤمن بوجود مرض نفسي وإنما نؤمن بوجود اضطراب فكري، وعندما نعلم أسبابه ونعلم خارطة دخوله ندرب الأفراد على خارطة أخرى يعملون عليها لإيقاف هذا الاضطراب وتبديله بسلوك مغاير تماما وهنا تنتهي المشكلة.
البعض من الأشخاص ليس لديهم القدرة للدخول في هكذا دورات اما بسبب المال او بسبب عدم وجود الوقت الكافي للحضور والمشاركة فيها؟
من لا يملك وقتا لإقامة هذه الدورات هل يملك وقتا حقيقيا لشيء آخر أهم منها وهو يعاني من كل هذه الاضطرابات هذه مسالة تنظيم أولويات فهل يوجد شيء في الحياة أهم من تنظيم أفكارنا وتطوير شخصياتنا وتنمية قدراتنا الفكرية، أي عمل هذا أهم، فهذا الاتجاه أهم من الخبز وهنا تستحضرني آية من الإنجيل المقدس تقول (ليس بالخبز وحده يحيا الإنسان) نحن بحاجة ماسة جدا كما قال الإمام علي عليه السلام إلى تنظيم أمورنا فهل تنظيم أمورنا يقتصر على المادية منها، ام ان أمورنا تشمل كل شيء وأولها تنظيم أمورنا العقلية.
كلمة أخيرة؟
أنا احيي جهود الإدارة في العتبة العلوية المقدسة التي تسعى إلى إقامة مثل هذه الدورات وتبذل الجهود اللازمة لذلك وتحفز المتدربين وتسمح لهم وتعطيهم الوقت وتغطي نفقاتهم وتؤمن البديل عنهم في العمل وتتجاوز الكثير من العقبات والمشاكل كي تسمح للمتدرب بأن يستلم هذه الدورة التدريبية في الوقت الملائم وبراحة تامة.

نشرت في الولاية العدد 95

مقالات ذات صله