ابو حسنين الموسوي
هو الإمام السادس من أئمة أهل البيت(عليهم السلام).. كني بأبي عبدالله (وهي أشهرها) وأبي إسماعيل وأبي موسى.. ولقب بالصادق، والفاضل، والطاهر، والقائم، والكامل، والمنجي..
كان(عليه السلام) من الفضل بمكان يقر له العدو و الصديق، أسس مدرسة فقهية ملأت الآفاق بعلمها، واستطاع (عليه السلام) بواسع علمه ورحابة صدره أن يستوعب الجميع ومن مختلف المشارب والاتجاهات، حتى ألتف حوله العلماء و الفقهاء و القراء، يجلسون تحت منبر درسه و ينهلون من رحيق أنفاسه علماً و ادباً و حكمة، فكان اعلم الامة في زمانه بلا منافس، فرسم منهجا علميا لمن انتسبوا اليه أو لمن اخذوا منه، حتى أصبح حديث الناس وشغلهم الشاغل.
ولشدة إقبال الناس إليه وتتلمذ العلماء عليه وتأسيسه المدارس وتخريجه العلماء نسب المذهب الجعفري إليه، وانعطف الموالون لأهل البيت (عليهم السلام) إليه، مع أنه جزء من السلسلة المباركة.
اتيح للإمام (عليه السلام) فسحة من الحرية والحركة في عصره الذي ضم أواخر العهد الاموي وبداية الحكم العباسي، فكان بعيدا عن أعين السلطة المشغولة بتثبيت قواعدها، فهو (عليه السلام) لم يحبس او يحاصر كما حصل لكثير من اهل بيته (عليهم السلام) كما لم يكن هناك مذهبا فقهيا عليه ختم السلطان ليصطدم مع رؤى وتطلعات الإمام (عليه السلام) العلمية الحقة.. واما مذهب السلطان السياسي فكان ظهوره في عصر المأمون العباسي اي في اوائل القرن الثالث الهجري عندما اعتنق المأمون الاعتزال.
فكان في سعة بنحو ما في هذا المجال ولم يقتصر منهجه في مجال التفقه في الدين بل شامل لجميع العلوم ففي جوابه عليه السلام عن قول الله عز وجل (وَمَن يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلاَّ أُوْلُواْ الأَلْبَابِ) {البقرة/269} قال عليه السلام: الحكمة هي المعرفة والتفقه في الدين بل العلوم الاخرى.. فكان لها مكان في مجالس الامام الصادق (عليه السلام) وما زالت تلكم التعاليم والمناهج تعبر القرون الى ان يرث الله الأرض ومن عليها.. ومن درر تعاليمه:
قال اطلبوا العلم فانه السبب بينكم وبين الله والسبب لا يقوى الا بإخلاص النية والهمة في تلقي العلم والتسليم للحقائق بمعزل عن الشوائب والهوى والرواسب وبذا تتحقق النزاهة العلمية التي هي قوام التنافس العلمي للوقوف على الحقائق.
وقال عليه السلام لا تطلب العلم لثلاث: لترائي به ولا لتباهي به ولا لتماري به.
فالعلم في نظر الامام عليه السلام طريق للبقاء والتقدم.
قال عليه السلام: حسبك من العلم ان تخشى الله وحسبك من الجهل ان تعجب بعلمك.
وقال عليه السلام لمحمد بن النعمان (مؤمن الطاق): يا ابن النعمان إياك والمراء فانه يحبط عملك واياك والجدل فانه يوبقك واياك وكثرة الخصومات فإنها تبعدك من الله وان من قبلكم كانوا يتعلمون وانتم تتعلمون الكلام انما ينجو من اطال الصمت عن الفحشاء. ان ابغضكم الي المترأسون المشاؤون بالنمائم الحسدة لإخوانهم وإنما اوليائي الذين سلموا لأمرنا واتبعوا اثارنا وليست البلاغة بحدة اللسان ولا كثرة الهذيان ولكنها اصابة المعنى وقصد الحجة..
وما ذكرناه قطرة من بحر وفيها عبرة لمن اعتبر.
نشرت في الولاية العدد 96