الإعلام والقضية الحسينية المنهج وعمق التأثير


تحقيق علي الوائلي

إن للإعلام تأثيراً واضحاً في نقل الصورة والمعنى إلى الآخر، وأن نقل القضية الحسينية وما حملته من مبادئ وأهداف تتطلب أسلوبا إعلامياً يضم مختلف الجوانب العلمية والفكرية والفنية والثقافية لتعريف العالم بها بتعدد لغاتهم واختلاف انتماءاتهم ومشاربهم ولتسليط الضوء على تلك المبادئ ليستنير بها كل مفكر ومتحرر ومثقف واديب وكل من هو تواق للحرية والانعتاق من العبودية ولترجمة أحداث الطف بوساطة وسائل الاعلام المختلفة والجوانب المتنوعة ولإيضاح ما جاء به الإمام الحسين عليه السلام والأمر الذي استشهد من أجله وأهل بيته وسبي نسائه وما جرى من تشويش وتضليل إعلامي من قبل آل أمية وورثتهم من الناصبيين وتحريف تلك الثورة التي نهض بها سيد الشهداء عليه السلام (فلو عرف الناس محاسن كلامنا لاتبعونا).

يقول الشيخ عبد المجيد فرج الله الاستاذ في الحوزة العلمية: إنّنا حقا حين نتأمل في حركة النبي وحركة أهل البيت صلوات الله عليهم أجمعين برؤية اعلامية نجد العجب العجاب وهم على هذا المنوال كلهم ولا ننسى وقفة الزهراء(عليها السلام) ونجاحاتها الاعلامية فضلاً عن النجاحات الاخرى في خطبها ومواقفها والسيدة زينب (عليها السلام) والامام السجاد(عليه السلام) وحتى الامام الحسين (عليه السلام) قبل استشهاده، فكانت المعركة الأولى التي انتصر فيها الامام منذ أول ساعات يوم الطف والى يومنا هذا هي المعركة الإعلامية لأنه خاطبهم بطريقة متفوقة على مستوى الحدث بعدما جاؤوا بتلك الجيوش الجرارة من أجل أن يقتلوا الامام عليه السلام لكنه جابههم بالكلمة والمنطق والحجة وبالكلام الذي أثر فيهم إعلاميا حتى أن الشمر عليه اللعنة وعمر بن سعد لم يجدا أمامهما أي منفد للرد فنرى الشمر اعترف فقال: إني اعبد الله على سبعين حرفاً إن كنت أدري ما تقول فإنني لا أفهم ما تقول, فالإمام اخترق الجيش وقادة الجيش بهذا الأسلوب الإعلامي الراقي ولازالت الآن كلمات الإمام تعطينا منهجا إعلاميا في تقديمه الى الناس.
وهنا يركز الإعلامي مهدي الفحام بقوله : إن للإعلام الحسيني دوراً كبيراً في استنهاض المجتمع، موضحاً : وهنا أتوقف تاريخيا لأبين ان حركة الإمام الحسين عليه السلام من مكة المكرمة الى كربلاء حاجتها تغطية إعلامية وتناقل للأحداث وتبادل الاخبار ومتابعتها عبر الرحّل وفي محطات الطريق وصولا الى يوم العاشر ثم النشر الإعلامي لمواكبة السبايا إلى الشام ..هذه الحركة برأيي أثمرت بعملية توثيق مرة ومرة أخرى ببيان أبعاد القضية الحسينية ومظلوميته عليه السلام على طول الخط الجغرافي لمسير ركب السبايا مما أدى الى ظهور تمرد على الدولة الأموية وان كانت عفوية أو صغيرة مستنكرة هذا الاعتداء على أهل بيت النبي صلوات الله عليهم أجمعين وهكذا وصولا الى المدينة المنورة لتظهر ثورة اهل المدينة المنورة وثورة عبد الله بن الزبير وفي الكوفة ثورة التوابين وثورة المختار بل واستمر الإعلام الحسيني ليكون جزءاً من ثقافة مجتمع وحديث ضمير الأمة مما جعلها العباسيون لاسقاط الدولة الأموية برفعهم شعار «يا لثارات الحسين» وحصولهم بهذا الشعار تأييد كثير من بسطاء الناس والقادة العسكريين من الأمصار الإسلامية آنذاك.
وعن السبل المضيئة التي انتهجها السبط الحسين عليه السلام في برنامجه الإعلامي الفذ تحدث الشاعر والاعلامي السيد شاكر القزويني عن هذه الثيمة المتوهجة في النص الانساني الثوري الذي كتبه الحسين عليه السلام، قائلا: ان الحسين عليه السلام لم يكن تقليديا أبدا في كل شيء بل من العسير على أي آخر غيره أن ينتهج منهجه بهذا العمق والوضوح والقوة في إعلان ثورته واستمراريتها الخالدة وشدة توهجها في الوجود الانساني وبشكل حضاري متجدد متجذر القيم متنوع الأبعاد والسبل، ذلك لأنه كتب برنامج الثورة وكل ما يرتبط بها بالدم الزكي، فكان دم النبوة هو المتحدث وهو المنبئ بالأقدار، وهو أمر لم ولن يتكرر، وهو أمر لا طاقة للدنيا برمتها على حمله، فكان حملا سيظل الزمن ينوء به حتى يوم الدين، ولأن الكلمات والحروف والصور نزف مقدس ينطلق من القبس الإلهي الموعود، لذا فان الصوت والصورة ستكون غائرة في النفس البشرية وأحداثها ومفاهيمها متسمة بالخلود وجزيل العطاء، ستكون متجددة بأي وسيلة تسعى إلى سيد الشهداء، تسقط منسجمة جميلة زاهية الحزن بهية الحضور كضوء سعيد.
لذا نرى ان وسائل التعبير تختلف، منسجمة، حادة الظهور حزنا وقساوة مع كل شريحة ومستوى وعي اجتماعي أو ثقافي، فهي لا تلتقي فحسب بل تحتضن كل وسائل التعبير والمواساة، في صعود غريب يتسامى به الوجود الإنساني فترتقي به المعاني والصفات التي تحمل جمال وإصلاح وفضائل الحسين عليه السلام
وحول حقيقة ارتباط الاعلام بالقضية الحسينية فلا يعتقد الاعلامي محمد الخزاعي بأن هناك موضوعاً ارتبط بالإعلام اكثر من القضية الحسينية حتى تشابكت التفاصيل ليكون كلا حلهما ممثلا للآخر وعاكسا له فالقضية الحسينية وان كانت ثورة حقيقية ضد النفاق والزيف الذي مثّله يزيد ودولته فهي أيضا مثّلت نهضة فكرية مستمدة من القرآن الذي ينطق به ويفسره الأئمة المعصومون وهذه الثورة وهذه النهضة كان لابد لها من صوت يعبّر عنها لتحقق غايات بعثها وانطلاقها لتستكين إليها النفوس والعقول والقلوب ضمانا لتأييدها ونصرها وهذا الصوت هو ما يعرف اليوم بالإعلام الذي مثله خير تمثيل قائد الثورة وملهمها الإمام الحسين عليه السلام ومن بعده أخته العقيلة زينب والإمام زين العابدين ليتحقق ما قصدناه من علاقة القضية الحسينية بالإعلام ودور كل منهما في دعم الآخر وديمومته فقائد الثورة هو في الوقت نفسه لسانها الناطق والمعبّر عن أهدافها وما تسعى إلى تحقيقه، لقد تحولت القضية الحسينية بعد انتهاء واقعة الطف عسكريا إلى معركة إعلامية حامية الوطيس بامتياز بين طرف سخرت له كل إمكانات الدولة وطاقاتها ولكن تنقصه الحجة والمنطق وطرف آخر لا يملك من الإمكانات سوى الحجة والمنطق فكانت معركة غير عادلة بين طرفين أحدهما يعتقد انه منتصر بالحسابات العسكرية والآخر لا يعترف بشيء اسمه هزيمة حتى بعد استشهاد قادته.
وبعد هذه السنين التي مرت على واقعة كربلاء الأليمة والدور الاعلامي الذي رافقها فيشير الكاتب والصحفي عبد المنعم الحيدري بأنه على مدى اربعة عشر قرنا, ارادت الانظمة الحاكمة, ان تغيب قضية ثورة الحسين عن وعي الجماهير, بشتى الوسائل وأقساها, من أجل أن لا تبعث تلك الثورة روح التحرر في نفوس الشعوب المقهورة والمغلوب على أمرها, وقد كان هناك من يساعد تلك الأنظمة الاستبدادية, على طمس الحقيقة, هدفها شيوخ الدين مضللين وأقلام مأجورة, ليظهروا خروج الحسين(عليه السلام) من اجل مطامع شخصية في طلب الدنيا، وقد نسي هؤلاء المرتزقة, أن الحسين حينما خرج للثورة ضد الطغاة انما هو بتكليف شرعي, وواجب ديني يحتم عليه ان يقف بوجه سلطان جائر, وان كل ما قام به الحسين (عليه السلام) انما هو لله تعالى, وما كان لله ينمو, من غير اذى ادنى شك, ولم ينتبه هؤلاء, رغم دهائهم ومكرهم لهذه المسألة التي ثبتت قواعدها السيدة زينب عليها السلام, حينما خاطبت اللعين يزيد, فقالت: (والله لن تمحو ذكرنا), وفعلا صدقت حيث قالت عليها السلام .
ويكمل الحيدري حديثه بان مئات السنين, وعشرات الآلاف من الكتب, وملايين الاقلام الرخيصة, وأموال طائلة, كلها اهدرت من اجل طمس قضية الحسين ولكن (ويأبى الله الا ان يتم نوره ولو كره الكافرون), وهكذا دارت عجلة التاريخ, وسقطت عروش الطغاة, وفي العراق, بعد سقوط جلاد القرن, وانتهاء حقبة مظلمة من حكم البعث الفاسد والجائر, انطلق الاعلام, في مجاله المرئي والمسموع والمقروء, ليسلط الضوء على هذه الثورة الحسينية الخالدة, بكل حرية وموضوعية وامانة حول كشف المظلومية التي وقعت على بيت النبي«ص » يوم واقعة الطف الدامية, وكذلك كشف حقيقة الاجرام الاموي, والانظمة التي سارت بالإجرام نفسه, ليسمع العالم كل العالم, بوساطة رسالة الاعلام الصادقة والهادفة والحديثة .
فيما ذهب الإعلامي راجي نصير الى ان كثيراً من معطيات الثورة الحسينية ونتائجها وأبعادها، لم تأخذ حتى الآن ما تستحقه من إيضاح واستجلاء بما ينزل بركاتها الى حياة الأمة، إلاّ أن الثورة الكبرى في مجال الإعلام والاتصال، وعولمة الإعلام، وخروجه من نطاق سيطرة الحكام الظالمين، وكسره لقيود واسوار الرقابة السلطوية وتشويشها، ساهمت بشكل كبير في إيصال ثورة الإمام الحسين عليه السلام إلى مختلف أرجاء العالم، وسلط الأضواء على جوانب كثيرة من ثورة الامام الحسين(ع) العالمية الاصلاحية الكبرى، وتلمست البشرية على اختلاف مشاربها ومذاهبها واديانها، مظلومية الحسين واهل البيت(عليه السلام)، ومشروعية ثورته التضحوية، ومضامينها الإنسانية الكبرى.
مضيفا :ان وسائل الاعلام والاتصال، المرئي والمقروء والمسموع، التقليدي منه وغير التقليدي، القديم والجديد، اسهمت في ايصال الثورة الحسينية بكل ما فيها من أبعاد إنسانية ورسالية، وتوق إلى الحرية، ورفض لمنطق الظلم والطغيان والدكتاتورية، ودعوة صادقة الى العدالة الاجتماعية، واحترام ارادة الشعب، وقبول الاخر، وضمان حق العيش والحياة للجميع بعيدا عن آرائهم وأفكارهم، مما أسهم في تشكيل رأي عام عالمي يتقبل ثورة الامام الحسين(عليه السلام)، ويتفاعل معها، ويدرك دوافعها وابعاده الشرعية, وربما صدمت شعوب العالم المتحضر التي تفخر بقوانينها حول حقوق الانسان التي كتبت قبل نصف قرن تقريبا، حين ادركت ان الامام الحسين(عليه السلام)، قد سبقها بأربعة عشر قرنا في تثبيت حقوق الإنسان، والدفاع عنها، والدعوة اليها بشكل عملي، ومنها حقوق المرأة والطفل، وحق الأمة في مراقبة ومحاسبة الحاكم، وحق الإنسان في التعبير عن الرأي بحرية وبلا قيود، وحقه في العيش والسكن حيثما يشاء، وغيرها من الحقوق التي انتهكت جميعا على يد السلطة الأموية الدكتاتورية في واقعة الطف، وهو ما شكل عامل تعرية شعبية للسلطة الأموية، وكل سلطة فاسدة ومنحرفة ودكتاتورية، أينما كانت، وحيثما وجدت.
ويؤكد الإعلامي نصير بأن الإعلام نجح في بعض الجوانب للقضية الحسينية قائلا رغم القناعة بأن الاعلام لم يعطِ الثورة الحسينية حقها من الاهتمام، وتسليط الاضواء، وكشف الحقائق النورانية لها، إلا أنه أسهم في المقابل، وبشكل واسع، في نشر مبادئ وقيم ومعطيات الثورة الحسينية في أغلب إرجاء العالم، حتى بات احياء مراسم عزاء الحسين(عليه السلام)، وزيارته، ولاسيما زيارة الأربعين المليونية، تزداد اتساعا من حيث العدد، ومن حيث الانتشار الجغرافي، كل ذلك يعود في جوانب مهمة منه الى نجاح الإعلام في إيصال صوت الحسين(عليه السلام)، وصدى ثورته التضحوية الخالدة، إلى بقاع الدنيا، والى كل الأحرار والمنصفين في العالم.
ويستدرك نصير أيضا بقوله لقد كسر الاعلام حواجز التعتيم والتكميم التي مورست ضد الثورة الحسينية على مدى سنين طويلة، واتاح للعالم اجمع فرصة الاطلال بشكل مباشر على اسباب الثورة ودوافعها واهدافها ونتائجها، حتى بدأنا نشاهد اعدادا كبيرة من غير المسلمين، ومن غير اتباع اهل البيت(عليهم السلام)، يحيون مراسم الامام الحسين عليه السلام، بصور واشكال مختلفة، لكنها تتفق في انها تنهل من معين عاشوراء الصافي، دروس العزة والشرف والاباء، كل ذلك بفضل وسائل الاعلام والاتصال المختلفة التي باتت في متناول الجميع، دون حدود او قيود.
ويضع الحيدري نقاطا ومحاور لدور فاعل لدور الاعلام الفاعل ونقله للقضية الحسينية حيث يشير الى ان الاعلام نجح نجاحا باهرا, لكنه ولبلوغ هدفه وتوضيح غاياته يحتاج الى تعدد الوسائل والانتقال الى الجانب الثقافي مثل اقامة المهرجانات والمسرحيات, واقامة معارض للرسم والفن التشكيلي وتجسيد قضية الطف على شكل لوحات فنية, واننا نحتاج الى ان نترجم النصوص الشعرية التي تناولت القضية الحسينية الى لغات اخرى عالمية, لكي تتجلى ثورة الحسين يوم الطف تلك الثورة التي انصبت على كشف الحقيقة يوم العاشر من محرم الحرام عام 61 للهجرة.

اما الشيخ فرج الله فانه يشير الى ان الاعلام يحتاج الى جوانب متعددة فيؤكد بان هناك مشكلة في تعاطينا الاعلامي المعاصر مع الامام عليه السلام وهذه المشكلة اننا لا نجيد خطاب العالم المعاصر الآخر ولا نجيد كثيرا خطاب عالمنا فنحن مع ان سيدنا رسول الله وال البيت كانوا ينظرون الى الاساليب لأكثر تأثيرا في الجانب الاعلامي للناس وينطلقون من حيث يتأثر الناس اما نحن فننطلق من حيث موروثنا السابق على الرغم من اختلاف الزمن الذي يوجب تغيير الخطاب معه فالأن شبابنا يسمعون المنبر بدرجة من الدرجات وبنسبة لكن الذي يؤثر فيهم هو الاساليب الإعلامية اكثر من المنبر وان ولاءهم يجذبهم الى المنبر والمشكلة اننا لازلنا نخاطب اجيالنا ونخاطب حتى الاخرين الذين هم من أجيال وبلدان ولغات أخرى نخاطبهم باللغة المنبرية نفسها وهذا خطا وتبقى مجاميع اخرى لاتؤثر فيها اذن نحتاج اساليب اخرى.
ويريد فرج الله جوانب عديدة لتسليط ضوء الاعلام اكثر على القضية الحسينية منها بانه حين ياتي مخرج مسرحي او مشتغل في الجانب المسرحي ويقرا تفاصيل معركة الطف ينهار وهو يرى الحركة التي قام بها الامام الحسين والتي تجعل في الذاكرة للمتلقي بقاء خالدا وهو يحمل طفلا رضيعا ويعرضه أمام القوم وبيني وبينكم ان انجح المخرجين سوف ينذهل من هذا التصرف الاعلامي من قبل الامام الحسين فالطفل الرضيع يصيح ويتكلم في كل العالم وكثير من الناس لا يتأثرون الا من بوساطة قتل الطفل الرضيع ويقول حول ذلك الشاعر العراقي السياب فليقتلوه كما ارادوا انما ما ذنب اطفال له ونساء وبنى قصيدته على هذا التصور والانفعال اذن الامام استنفد كل وسائل الايصال الاعلامي بما في ذلك الوسائل الفنية يعني مشهد الطفل لو اردنا ان نمثله بلا رتوش كما هو لا يبقى احد عنده ذرة انسانية الا وقد بكى او تأثر بهذا المشهد فعلينا اذن ان ننطلق في خطاب الاخر باعلام ياخذ الحالة الفنية كالتمثيلية والفلم الوثائقي والمسرحية الشعرية والاوبريت والنشيد فكم علينا ان نحسن خطاب الاخر والجانب الثاني اننا نخاطب العالم بلغتنا نحن مع ان الائمة وفي مروياتنا التاريخية ان الائمة كانوا في بعض الاحيان يخاطبون الموالي او من الشعوب الاخرى وبلغات اخرى يخاطبونهم بلغتهم حتى ان الإمام الهادي والامام العسكري عليهما السلام عندما جيء بهما الى سامراء كانا يخاطبان الغلمان الاتراك بلغتهم التركية وهذا تنبيه وتحفيز لنا بل يصل الى حد الوجوب بأساليب لا تتعارض مع متبنياتنا الاسلامية من ناحية شرعية.
ويشير فرج الله ايضا إلى ان هناك اللوحة والفن التشكيلي هذا بحد ذاته لغة عابرة للغات فلا يحتاج الفنان ان يكتب كلمة واحدة فلوحته اذا اتقنها تكون فصيحة في كل لغات العالم، وان التصوير الضوئي له دور ايضا بجانب النحت ولا ادخل في تفاصيل فقهية تتصل بالنحت لكن لا ننسى ان راهبا نحت راس الامام وكان هذا مؤثرا ايضا اين نحن من عمل كبير بمستوى البانوراما لماذا لا نفكر من ناحية اعلامية بان نجعل في كل عاصمة من عواصم العالم بانوراما الحسين (عليه السلام) وهذه لا تحتاج الى لغة فالصورة واللوحة والفن والظلال هذا كله يكفي في الخطاب مع الاخر بأفصح اللغات إذن نحن بصراحة نحتاج الى تفكير يبدأ بكيف نوصل هذا الولاء الحسيني الى العالم كله هناك كلمة للناقد محمد مندور في زمن عباس محمود العقاد عنده كلمة لكن انقلها بالمعنى واظنه مخاطبا العقاد بقوله انت تبكي وتصرخ لن أتأثر لكن انت وضّح لي لماذا تبكي حتى ابكي معك, نحن الان نبكي على الامام والاخرون المختلفون يروننا نبكي ربما يتأثرون علينا وربما يدير بعضهم عنا وجهه ويمضي لكننا لو وضحنا لماذا نبكي لتأثر أو بكى معنا هذه الكلمة لو جعلناها نصب اعيننا ونحن نخطط استراتيجيا في العبور الى الاخر واختراق المنظومة الذوقية لانتهجنا نهجا اعلاميا مؤثرا وبارعا جدا رايت في ان وتيرة الابداع العراقي وكذلك الابداع في الشعر العربي المتصل في العراق ففي هذا الصوت الشعري العراقي المليء بالحياة والحماس والمفعم بالوجود وشعراؤنا استطاعوا ان يوجدوا نتاجا ابداعيا راقيا على صعيد الساحة العربية وحتى على صعيد الساحة العالمية لو يترجم، فمشكلتنا تبقى نحن كاعلاميين وقنوات اعلامية كيف نوصل اصوات شعرائنا ومبدعينا الى العالم فالشعر قال كلمته لكن الإعلامي هل اوصل هذه الكلمة وكذلك القصة والرواية والمسرحية والاوبريت والاعمال المتعددة التي ظهرت
ويؤكد مهدي الفحام أن القضية الحسينية كانت محور الحياة الإسلامية السياسية والاجتماعية لعقود من السنوات وهي محور حياة الانسان المسلم وستكون انطلاقة لتحرك الامام المهدي روحي له الفداء للقضاء على كل ظالم يطابق بالقول والفعل سياسة الامويين وحكامهم, لذا فإن قضية الإمام الحسين(عليه السلام) قضية مهمة في استنهاض الأمة والمجتمع اذا ما استثمرت بالشكل الصحيح وبينت معالم واهداف هذه القضية وسبل تطبيقها على أرض المجتمع
وأما الصحفي حسام الكوفي فهو يوضح باننا حين ننظر في هذه الزاوية المهمة التي توصل حقيقة الثورة الحسينية إلى العالم لابد من أن ننظر بتأمل لأدوات هذه الوسيلة ومتبنياتها الفكرية فضلا عن مرجعياتها، فنقل حقيقة المعصوم وسبب استشهاده يعتمد على تلك الأمور شئنا أم أبينا، فحين تكون الوسيلة الإعلامية وسيلة تتكئ على متبنيات فكرية هشة، ستعرض لنا الحسين(ع) وقضيته من منظور النوح والعزاء فقط، أما إذا كانت الوسيلة الإعلامية وسيلة فكر وحكمة فحينها سيكون النقل بصفة أخرى، صفة تحاكي معاني الحق وتجعل من النوح احتفالاً وفخراً من غير تنازل عن الذكرى وإحيائها, فوسائل الإعلام وواجبها في نقل القضية الحسينية يعود برأيي إلى المقدرة الفكرية لكل مؤسسة إعلامية.
ولتصدح حناجر الشعراء والرواديد وتعلو أصواتهم حول هذه القضية الحسينية لتكون مكملة للدور الإعلامي وهذا ما أوضحه الاعلامي محمد عبد الرضا الخزاعي حينما اشار بقوله أنبرى رجال لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله ليكونوا لسان الثورة الناطق ومبادئها التي لا تموت يعبرون عن روح ثورتهم وما استشهد لأجله قادتهم مستنهضين الهمم والعزائم في الخروج على من كان سببا بانحراف الأمة عن طريق الحق والصواب فكان الشعراء والأدباء وقراء المنابر هم الأصوات الإعلامية التي جابهت وواجهت دولة الباطل لتفضحها وتكون سببا في كثير من الثورات والانتفاضات على مدى التأريخ بعد واقعة الطف ولتسهم بشكل فاعل في ديمومة هذه الثورة وانتصارها فكان الاعلام محركاً وسبباً رئيساً في ديمومة دفع الثورة وقوة تأثيرها.
إن دور الإعلام في عالم اليوم الذي أصبح قرية صغيرة تنتقل فيها المعلومة من شرق العالم إلى غربه بجزء من الثانية هو دور كبير بل تتوقف عليه إلى حد كبير نتيجة المعركة ولاسيما أن عدونا لا زال متفوقا علينا في ناحية الامكانات المادية التي أتاحت له تأسيس وشراء كثير من القنوات الفضائية ووسائل الإعلام الأخرى المسموعة والمقروءة فضلا عن ذلك فإنه ليس من السهل استمالة المتلقي لما يصرف وينقل مما يحتم علينا أن نكون على قدر هذا التحدي لنستطيع تحقيق رسالتنا الدائمة حتى إذا كلفتنا ان نموت ميتة ميثم او دعبل.

نشرت في الولاية العدد 121

مقالات ذات صله