الشيخ جواد مهدوي: المواجهة الإعلامية من أسباب إصرار الحسين(ع) على حمل عياله وأطفاله

IMG_3930

اجرى اللقاء: حيدر رزاق شمران

 من رجالات الحوزة العلمية المبرزين، دمث الاخلاق، تقيّ ورع، تتجسد فيه معالم الادب الاسلامي الرفيع.. ابن بارّ من ابناء مدينة النجف الاشرف التي عرفت بأبنائها البررة.. ذلك هو الشيخ محمد جواد نجل الشيخ محمد إسحاق المهدوي الذي كان للولاية معه هذا اللقاء.

لو تحدثوننا أولا عن نبذة من السيرة العلمية لسماحتكم:
نشأت علميا على يدي والدي في دراسة بعض كتب النحو والصرف، ثم درست كتاب الفية ابن مالك بشرح السيوطي وكتاب الحاشية في المنطق وكتاب مختصر المعاني في البلاغة وكتاب المعالم في الأصول عند الشيخ ملا صادق الفاضل، ثم درست كتاب اللمعة الدمشقية على يد السيد باقر العلوي، وجزءً من كتاب أصول المظفر عند الشيخ المحمدي والباقي عند والدي الشيخ.
وقد حضرت الرسائل عند السيد محمد السبزواري(قدس سره) والمكاسب عند السيد محمد رضا الكابني (قدس سره) والكفاية عند الشيخ ابو الحسن الأنواري، وحضرت المنظومة والأسفار عند الشيخ عباس القوجاني(قدس سره)، وهكذا حتى حضرت البحث الخارج في الفقه والأًصول عند سماحة الشيخ الفياض لمدة تقرب من خمس عشرة سنة، وقد حضر درسي في السطوح العديد من التلاميذ يتجاوز عددهم المئة وفيهم من يرى نفسه حاصلا على ملكة الاجتهاد وفيهم الفضلاء.

ما أهم النشاطات الفكرية والثقافية لسماحتكم؟
درّست في جامعة النجف الدينية قرابة خمس عشرة سنة أغلب الكتب الحوزوية،وعلى سبيل المثال درست شرح ابن عقيل وشرح النظام وشذى العرف وشرح الباب الحادي عشر والمنطق واصول المظفر وبداية الحكمة والشرائع دورة واحدة، أما اللمعة الدمشقية والمعالم والمكاسب فقد درستها لدورتين، أما الكفاية فأربع دورات وكذلك الحاشية.
والآن مشتغل بإلقاء بحوث تمهيدية في الفقه والأصول واسأل الله تعالى ان يتقبلها مني ويوفقني لأداء هذه الرسالة الملقاة على عاتقنا حتى قيام صاحبنا عجل الله تعالى فرجه الشريف.

ما أهم سمات الانعكاسات المستقبلية التي تواخاها الإمام الحسين من نهضته المباركة مع علمه بشهادته وشهادة من معه؟
أراد الحسين(عليه السلام) اضعاف الحكم الأموي في تحركه ونهضته من جهة، ومن جهة أخرى كشف مخازي بني أمية ونشر مفاسدهم وتصرفاتهم غير اللائقة، وقد أشار إلى ذلك برسالته التي كتبها لأخيه محمد بن الحنفية في المدينة اذ قال: (اني لم اخرج اشرا ولا بطرا ولا ظالما ولا مفسدا إنما خرجت لطلب الإصلاح في امة جدي رسول الله(صلى الله عليه وآله).
فالحسين(عليه السلام) أيقظ الأمة أعطاها فكرا جديدا ودفعها بقوة للدفاع عن نفسها بهذا التحرك المبارك.

هل تعد الكتب التي ارسلها اهل الكوفة إلى الإمام الحسين(عليه السلام) يدعونه إلى النهوض سببا اساسيا في حركته ام ان لنهضته(عليه السلام) اسبابا اكثر عمقا واشد اهمية؟
ان تلك الكتب التي أرسلت إلى الحسين(عليه السلام) رسمت له (سلام الله عليه) صورة الموقف واقامت بين يديه الحجة للتحرك والانطلاق، إلا انه بعد لمّا يطمئن، لأن لأهل البيت(عليهم السلام) مع أمثال هذه العهود و المواثيق تجربة طويلة عاشها الحسين(عليه السلام) بنفسه مع أبيه أمير المؤمنين(عليه السلام) ومع اخيه الحسن(عليه السلام).
ولعل لنهضته أسباباً أخرى منها: انه إمام معصوم وعليه ان يقوم بوظيفة الإمامة بالوقوف في وجه السلطة الحاكمة وردعها ولا يجوز له ان يعتزل الموقف السياسي ويميل الى السكون والسكوت، إذإن سكوته واعتزاله معناه الفرار والانهزام والضعف والوهن ويترتب عليه استمرار سلطة يزيد واستقراره إذ لا معارض له ولا رادع، وعندها يمضي يزيد الخنا في تحقيق اهدافه الشاذة التي تهدد الإسلام بالسقوط والزوال وانتشار الظلام.
وقد اشار (سلام الله عليه) الى ذلك بقوله: ايها الناس ان رسول الله(صلى الله عليه وآله) قال من رأى سلطاناً جائراً مستحلاً لحرام الله ناكثا عهده مخالفا لسنة رسول الله يعمل في عباد الله بالاثم والعدوان فلم يغير عليه بفعل ولا قول كان حقا على الله ان يدخله مدخله.
ومنها ايضا الحس والوعي السياسي للأمة وجعلها جهاز مراقبة للسطلة متى ما انحرفت عن المبادئ أو تخلت عن تطبيق الأحكام الشرعية وغيرها.
ما أبرز الأسباب التي دعت الإمام الحسين الى الإصرار على حمل عياله واطفاله معه الى كربلاء؟
لعل من ابرز الأسباب التي دعت الإمام الحسين(عليه السلام) الى الإصرار على حمل عياله واطفاله معه الى كربلاء هي المواجهة الإعلامية للسبايا وبخاصة دور العقيلة زينب والإمام السجاد(عليهما السلام)، إذ بدأ دور العقيلة (سلام الله عليها) بعد استشهاد أخيها الحسين(عليه السلام) لإكمال رسالة الثورة التي قادها سيد الشهداء ووهبها دمع وروحه الطاهرة لإنقاذ الأمة والرسالة.
ولقد بدأ دورها الإعلامي في التعريف بالثورة وبمظلومية أهل البيت(عليهم السلام) وإيقاض الرأي العام وتحريكه ضد الطغاة المتسلطين، فكانت لها مواقف اهمها خطبتها الفصيحة في الكوفة عند احتشاد الناس إذ انطلقت في خطابها مقرعة الجبناء والمتخاذلين عن نصرة الحسين(عليه السلام) معرّفة بمقام آل البيت(عليهم السلام).
ومن جملة ما قالت: (ويلكم يا أهل الكوفة اتدرون أي كبد لرسول الله صلى الله عليه واله فريتم واي كريمة له ابرزتم؟ واي دم له سفكتم؟ واي حرمة له انتهكتم؟ اعجبتم ان مطرت السماء دما ولعذاب الآخرة اخزى وانتم لا تبصرون..).
ومنها ردها على ابن زياد في مجلسه بمرأى ومسمع من الناس حيث شعر ابن زياد بالهزيمة امام السيدة زينب عليها السلام ولم يستطع النيل من صبرها وعزة نفسها وصلابة موقفها وتفوق منطقها، ومنها المواجهة الإعلامية التي حدثت بين يزيد من جهة و زينب(عليها السلام) والإمام السجاد(عليه السلام) من جهة أخرى إذ أدت السيدة زينب (عليها السلام) والإمام السـجاد(عليه السلام) دورهما الإعلامي في مجلس الطاغية يزيد في الجامع الأموي ،وذلك غير خافٍ على المطالع.
ومنها دور الإمام السجاد عند دخول المدينة المنورة، ولعل ذلك أحدث انقلابا كبيرا في الرأي العام على يزيد والحكم الأموي، اذ لم يكن يتحقق ذلك لولا الدور الإعلامي للسبايا.

كلمة أخيرة:
إن الحسين (عليه السلام) عظيم قبل شهادته وعظيم بعد شهادته ويبقى كريما في الحياة مخلدا في التاريخ وشمعة تنير درب الثائرين، فإنه(عليه السلام) انتصر لأن النصر عنده في الثبات على الحق لافي استلام زمام السلطة وغلبة القوى العسكرية كيفما كان الحال.

 

نشر في الولاية العدد 76

مقالات ذات صله