إيوان الذهب.. إيوان الأمير

khgfd

فائق الشمري

يرتفعُ شامخاً نحوَ السماء، تذوبُ فيه الشمسُ.. جدارٌ من ذَهَبٍ نُقِشَتْ فيهِ حُروفٌ من ضَوْءٍ ورَحْمةٍ.. آياتٌ بيِّناتٌ (وَإنَّهُ في أُمِّ الكِتابِ لَدَيْنا لَعَلِيٌّ حَكيم).
يَتَوَسَّطُ جِدارَ الضَوْءِ إيوانٌ ضَخْمٌ.. وقَوْسٌ شاهِقٌ تُزَيِّنُ حافَتَهُ مِزْهَرِيَّتانِ مِنْ ذَهَبٍ تَنْمو مِنْ داخِلِهِما ضَفيرةٌ تَتَألّفُ مِنْ خَمْسِ وَشائِجَ تَذوبُ في بَوْدَقةٍ واحِدة.
هُوَ سِرُّ الكِساءِ الذي أُريدَ لَهُ أَنْ يَضُمَّ أَيْقُونةَ الوُجودِ.. يَتَشابَكُ الجَميعُ وَيَذوبُ الكُلُّ بِالفَرْدِ وَالفَرْدُ بِالكُلِّ .. عُرْوَةٌ وُثْقى لا انْفِصامَ لَها.
في أَرْجاءِ هذا الإيْوانِ تَتَشابَكُ نَباتاتٌ وَأَزْهارٌ مِنْ ذَهَبٍ، تُرَحِّبُ بِالزّائِرِ لِرَوْضة ذات أفنان ما زارها مكروب إلّا نَفَّسَ اللهُ كُرْبَتَه، ولا ذو حاجة إلّا قضاها اللهُ له.
في قلب الإيوان الذهبي الكبير إيوان أصغر منه.. الكبير رمز للمعلّم والحبيب حين يخفض جناح الرحمة للنفس والوزير، والصغير رمز للفصيل الذي يتبع الرسول.. فيه باب مدينة العلم الذي منه الولوج الى الملكوت.
في قلب الإيوان الصغير تتدلى عبارة من ضوء: (علي مع الحق والحق مع علي) ولن يفترق هذان الإيوانان حتّى يكون يوم الحق.. يوم محمد وعلي إذ يقفان على الأعراف ويعرفان الناس كلّاً بسيماهم، ويلتقطان محبيهما من هول يوم عظيم.
يقع هذا الإيوان في الطارمة الذهبية او البهو الذهبي للروضة الحيدرية المقدسة مقابل الباب الشرقي الكبير المعروف بـ(باب الساعة).
يتّشح هذا الايوان بصفائح الذهب وتشمخ على طرفيه مئذنتان هما عمودان من الذهب يصلان الأرض بالسماء..
قد طُرّز هذا المعلم المهيب بالزخارف والنقوش والكتابات من آيات من الذكر الحكيم وأبيات من الشعر تتحدث جميعها عن قصة رجل نذر نفسه للحق وذاب في عبادته لله..
وحاله حال كل بقاع العتبة العلوية، فقد ضم بين جنباته أعلام الدفناء من أصحاب الفضيلة والسماحة، كالعلامة الحلي (قدس سره) والمقدس الأردبيلي (قدس سره) وغيرهما الكثيرون ممن تشرفوا بالمجاورة وكانت رقدتهم قرب الوصي.
الإيوان الذهبي.. إيوان الأمير.. يقف بحنوّ ليستقبل المتّجهين نحو قطب الوجود ونقطة الباء، ولبّ هل أتى، ونفس آية التطهير.. حيث ضريح علي(عليه السلام).

 

نشرت في الولاية العدد 81

مقالات ذات صله