الأمين العام للعتبة العلوية المقدسة

لقاء-الامين-العالم

لقاء: شاكر القزويني

مما لاشك فيه ان العتبة العلوية المقدسة تسير بخطى سريعة وثابتة ووفق مشروع مدروس يتصل روحيا وماديا بالصرح العلوي المنير ممتدا من جذور النجف الأشرف حوزة دينية وسكانا يجسدون كل القيم الخيرة بأبهى صورها واجمل معانيها.
ولكي نقترب اكثر لنتعرف على ما يدخر السيد نزار حبل المتين من مشاريع ومخططات خلال فترة تسنمه شرف الأمانة العامة للعتبة العلوية، التقت مجلة الولاية سماحته وأجرت معه الحوار الأتي:

سيدنا ارث قديم استلمتموه في العتبة العلوية المقدسة كيف تقرؤون سبعة اشهر على استلامكم لإدارة العتبة العلوية المقدسة؟
استلامنا لأمانة العتبة العلوية المقدسة هدية الهية، وفضل من الله عز وجل بعد جهد كبير مارسناه في إدارة المدارس الدينية في النجف الأشرف، تشرفنا بإدارة شؤون العتبة العلوية بما تمثله من مكانة في نفوس محبي أهل البيت ع بكافة الصعد وهي قلب العالم الإسلامي النابض.. نسأل الله عز وجل أن يوفقنا لذلك «وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون».
نعم هو ارث قديم وكبير لكن نسأل الله أن يأخذ بأيدينا وأيدي الإخوة أعضاء مجلس إدارة العتبة العلوية الطيبين وكل منتسبي العتبة المقدسة للعمل بجد وإخلاص في هذا الصرح الديني والحضاري والإنساني إلى ما يحبه ويرضاه، وإن شاء الله كلنا نعمل كيد واحدة على إظهار النجف الأشرف والعراق والعالم الإسلامي في مظهر يليق بالرسالة الإسلامية المحمدية الخالدة وبالإمام أمير المؤمنين صلوات الله وسلامه عليهم.

هل لديكم مشروع لإدارة العتبة العلوية المقدسة وهل خططتم لمنهج معين؟
نحن إن شاء الله في هذه الفترة رفعنا من همم الإخوة كي يعطونا زخما روحيا اكبر وجهدا مضاعفا وإبداعا في أداء المهام الملقاة على عاتقهم للنهوض بواقع العتبة العلوية المقدسة بما يرضي طموح محبي أمير المؤمنين «عليه السلام» في العالم وبما يتناسب ومكانته المعنوية وتقديم أفضل الخدمات لزائري هذا المرقد المقدس، وكان شعار( خدمة الزائر شرف لنا) شعارا كبيرا وهدفا يتفانى من أجل تحقيقه الجميع، وبهذا الصدد أبدينا تعاونا وتواصلا مع كل الإخوة المسؤولين من اعضاء مجلس الادارة ومسؤولي الأقسام والمنتسبين وفتحنا بابا حتى لخارج العتبة لتوحيد الجهود.. إبتداء من الإخوة في إدارة الحكومة المحلية في محافظة النجف الأشرف بكافة دوائرها، وكذلك الإخوة في المواكب الحسينية والهيئات والأطراف الأربعة البراق والعمارة والمشراق والحويش وزيارتهم ودعمهم الدائم للعتبة المقدسة، كذلك كان التواصل مع المؤسسات الأكاديمية كجامعة الكوفة وباقي المؤسسات العلمية والثقافية المنتشرة في مدينة النجف.. وتنسيقنا بهذا الجانب كان تجربة ناجحة ومثمرة.

 

ذكرت إن هذا التواصل كان مثمرا، فماذا اثمر بحسب رأيك ؟
من أولى الثمار التي جنتها العتبة المقدسة، هي فرحة الناس بفتح آفاق التعاون والاشتراك في خدمة هذا الصرح المبارك، وإنهم جزء منه ومعنيون بنهوضه، وهو شيء مهم لان نجاح العمل لا يكون بيد واحدة وانما يكون بالتعاون مع السلطة التنفيذية والتشريعية في النجف الأشرف والمواكب والهيئات الحسينية ووجهاء النجف الأشرف وشيوخها وكل أهل الخير وانتم تعلمون إن النجف الأشرف يفدها أناس بالملايين سنوياً فاذا لم يكن هناك تعاون بين الجميع حكومة ومؤسسات مع سكانها فانا اعتقد أن هذه الحلقة ستبقى ناقصة لهذا التعاون لأنهم محط الضيافة ومحط التعاون ومحط اللقاء وهذه الآفاق ينبغي أن تفتح لأجل إظهار مدينة النجف الأشرف المقدسة بما يليق بها.

840A1120

كيف كانت استعدادات العتبة العلوية لاستقبال جموع زائري أربعينية الإمام الحسين عليه السلام ؟
هذه السنة حققت العتبة العلوية المقدسة قفزة نوعية في هذه الاستعدادات خصوصا في الجانب الخدمي، هذه الاستعدادات كانت في جانبين، الجانب الثقافي في الإرشاد والوعظ والتبليغ، والجانب الخدمي، في الجانب الأول كان هناك تنسيق كما في السنوات السابقة أيضا كان التنسيق موجودا بين الحوزة العلمية والعتبة العلوية المباركة وكل العتبات الخمس الأخرى؛ العتبة الحسينية والعباسية والعسكرية والكاظمية، بإرسال مجاميع طلبة العلوم الدينية من داخل العراق وحتى من خارجه، ومن كافة الجنسيات بامتداد طريق يا حسين، ابتداء من مدينة البصرة وصولا إلى شمال العراق فقد بذلوا غاية الجهد وما يستطيعون تقديمه من تبليغ وإرشاد ووعظ وبيان الاحكام الشرعية وهم يصاحبون الزوار في مسيرتهم الولائية هذه.

وما هي الاستعدادات اللوجستية والخدمية لاستقبال الزائرين؟
كما تعلمون إن مدينة النجف الأشرف هي نقطة انطلاق الزائر الكريم نحو مدينة كربلاء المقدسة وكذلك هي نقطة العود منها.. وهذا أضاف مسؤولية كبيرة على مدينة النجف الأشرف وكذلك العتبة العلوية المقدسة لاستيعاب الأعداد الهائلة من الزائرين.. وحسب التجربة التي حصلت عليها من الإخوة في الإدارة السابقة للعتبة، سألتهم عن بعض مشاكل السنوات السابقة وكانت المشكلة ان الزائر عندما يأتي الى المدينة القديمة لا يجد الخدمات الأساسية التي هي الطعام والمبيت، من هنا تم الاستعداد لهذا الأمر وتم تهيئة أكثر من خمسة مواقع كبيرة لمبيت وإطعام الزائرين مع توفير كافة الخدمات الضرورية سواء كانت صحية ام طبية ام غيرها.. وتهيئتها لمبيت أكثر من خمسين ألف زائر موزعين في صحن فاطمة الزهراء «عليها السلام».. لإيواء عشرة آلاف زائر مع خدمات الطعام والخدمات الأخرى، وكذلك الكراج المتعدد الطوابق الذي هيئ لإيواء خمسة آلاف زائر، وكراج الرابطة وهو مهيأ لإيواء أكثر من خمسة الاف زائر، وكذلك قاعات استقبال الزائرين في منطقة الحولي خلف مرقد الصحابي صافي صفا التي هيئت لإيواء أكثر من خمسة عشر ألف زائر يوميا، بالإضافة إلى المنطقة الموجودة خلف الكراج الداخلي قرب مجسرات ثورة العشرين والتي هيئت لاستقبال أكثر من خمسة عشر الف زائر.
وبخصوص تقديم وجبات الطعام فقد استعد مضيف العتبة العلوية المقدسة لتهيئة أكثر من مائة الف وجبة طعام ولثلاث فترات يوميا، وهذه الإمكانات لم تكن العتبة مسبوقة بها، وفي الجانب الإداري تم استنفار كافة اقسام العتبة وبإشراف مباشر من قبل الإخوة في مجلس إدارة العتبة، حيث تولى كل واحد منهم إدارة موقع من هذه المواقع الخمسة وفق برنامج مدروس وضعناه في اجتماعاتنا الدورية التي سبقت هذه المناسبة المقدسة قبل أكثر من شهرين منها.
أما الأخوات في القسم النسوي كان لهن دور بارع في هذا الجانب وكما تعلمون إن نصف الزائرين هم من النساء ،قمن بالدور الثقافي والإرشادي وبيان الأحكام الشرعية وصلاة الجماعة للنسوة الزائرات وتقديم الخدمات والوضع الأمني هن جيدات والسهر المستمر على خدمة الزائرات مع كامل الضيافة كان دورا بارزا وواضحا لهذا القسم.، ومما لا يخفى على أحد ان هذه الانطلاقة جديدة فتوزيع وانتشار ادارة العتبة على هذه المساحة الكبيرة وبهذا العدد الهائل الذي يعسر بمثل هذه الظروف ووضع الدولة الذي تعرفونه السيطرة عليه، ونتمنى إن شاء الله بل إني أعطيك عهدا بإذن الله تعالى ان السنة القادمة لن يقل العدد فيها عن استيعاب مائة الف استضافة مبيت اذا اتيحت لنا الأراضي والأماكن الكافية وسوف نتهيأ قبل هذا الوقت رغم اننا عملنا على هذا قبل شهرين لكن فاجأنا الزوار بقدومهم قبل الوقت المحدد في كل عام، فنحن بنينا ان الزوار يأتون في اليوم العاشر من صفر لكنهم سبقوا تقديراتنا بان جاءوا يوم الخامس من صفر، ومع ذلك كانت الاستعدادات قائمة وعملنا ليلا ونهارا، وبعض الإخوة المتطوعين في العتبة العلوية قد سقطوا من شدة الاعياء والجهد المضني فكانوا مجدين مخلصين محبين للزائرين مقدمين كل ما يملكون وكل ما يستطيعون من جهدهم ككل المنتسبين وكل المنتسبات وكل أعضاء مجلس الإدارة الذين ظلوا ساهرين على خدمة الزائر.

وما هي تقديراتكم عن أعداد المتطوعين ؟
المتطوعون بحدود ألف وخمسمائة متطوع بعضهم من النجف وبعض من المحافظات والبعض الآخر من خارج العراق، يأتون وجبات في أيام الأربعين، فإن أعدادهم تتراوح وفق المجاميع التي يأتون بها والتي بلغت خمسين متطوعا في مجموعة وفي مجموعة اخرى بلغوا ثلاثين وفي مجموعة اخرى بلغوا مائة متطوع يعملون من خمسة إلى سبعة أيام ثم يغادرون وخلال هذه الفترة نقوم بتهيئة مكان الضيافة لهم ونوجههم للمكان الذي يستطيعون ان يخدموا به الزائر الكريم.

ما هي آلية الدخول الى مضيف العتبة العلوية المقدسة وهل هناك شروط؟
الطعام نقدمه لكل زائر يأتي الى المرقد المقدس دون تمييز بين زائر وآخر سواء أكان الزائر من شرق مدينة النجف الأشرف ام من غربها ام من خارج حدود العراق فالطعام في هذه الزيارة المليونية يوزع سواء أكان من المضيف ام في الأماكن الخمسة المعدة من قبلنا وعلى وجبات ثلاث يوميا لنسد حاجة الزوار كاملة ليتفرغوا الى العبادة والزيارة والأجواء الروحية التي جاؤوا من أجلها.

JZ2A0675

كم تتوقعون عدد الزائرين الذين توافدوا على العتبة العلوية حصرا طيلة فترة الزيارة؟
لا استطيع أن أذكر لك رقما معينا لأنه ليس لدي إحصاء كامل ولكن اعتقد أن العدد ربما تجاوز ثمانية أو عشرة ملايين زائر، وكما تعلم ان النجف الأشرف محطة وسط في هذه الزيارة، فالذي يذهب إلى كربلاء من المحافظات الجنوبية ومن مطار النجف يمر بها، والذي يعود أيضا يمر بها، فضلا عن القادم الى الزيارة عند وفاة النبي الأكرم صلى الله عليه وآله، وكما تعلمون إن مدينة النجف تضم مطار النجف الأشرف الذي يعد حلقة وصل في الذهاب والإياب بين المحافظات والعالم الخارجي لغرض الزيارة.

حريق صحن فاطمة أقلق الجميع فما هي تداعياته وأسبابه ؟
حسب معطيات التحقيق التي جرت من جهات ثلاث هي العتبة العلوية والدفاع المدني والأدلة الجنائية، حيث أفادت هذه الجهات على إن الحادث كان بسبب أعمال اللحام في موقع العمل، فكما تعلمون إن شركة الكوثر تمارس أعمالها من أجل انجاز هذا المشروع العملاق، والمكان لم يكتمل بعد والكثير من أجزائه هياكل حديدية من أقواس وقبب وغيرها وتحتاج إلى أعمال لحام، وصادف وصول شرارة من تلك الأعمال عبر الفتحات الموجودة في المشروع الى السرداب في الطابق الثاني للصحن الشريف وفيه مخزن للإخوة من الشركة المنفذة، تم فيه خزن عوازل عن الرطوبة (انزوكام وفلين) وما شابه ذلك ومواد لاصقة لهذه العوازل، ومن دون علم العاملين وهذا المخزن مقفل وحصل اشتعال لتلك المواد ولفترة اكثر من ثلاث ساعات حتى ظهرت آثار النار، وبما إن المكان تحت الارض بطابقين والسلالم غير مهيأة بعد وبعضها مغلق للتحسب الأمني فضلا عن تأخر وصول الإطفائيات وكان الاشتعال سريعا فالمواد نفطية بلاستيكية سريعة الاشتعال، ورغم هذا لم يكن الحريق كبيرا، إلا ان خروج الدخان من الممرات وانتشاره في افق كبير اعطى انطباعا انه كان واسعا وكبيرا، ويمكننا أن نحصر الخسائر بألفين وأربعمائة طوية من المواد البلاستيكية التي هي العوازل والمواد اللاصقة، ولا يوجد شيء مما أشيع فلا يوجد سجاد ولابطانيات ولاخشب ولا أي شيء آخر سوى ما ذكرت.
وقد أصدرنا بيانا في اليوم الثاني وعلى الموقع الرسمي للعتبة المقدسة بينا فيه سبب الحريق والمواد المحترقة والادلة التي وصلت لها اللجان الثلاثة وكما تعلمون إن اللجنتين ليستا من إدارة العتبة، وإن ضابط الأدلة الجنائية هو الذي اكتشف وحدد سبب الحريق عندما مد حبلا من مكان اللحيم إلى السرداب وقال النار من هنا دخلت من جانب الأعمدة المحيطة التي فيها فتحات خدمية.

متى تتوقعون فتح صحن فاطمة عليها السلام بإذن الله تعالى؟
بإذن الله تعالى اعتقد إلى مدة سنة قادمة سنفتح جزءا منه، فصحن فاطمة سلام الله عليها أكبر صحن شيد في مراقد الأئمة جميعا سلام الله عليهم، فهو حتى اكبر من صحن الامام الرضا عليه السلام بشهادة الإخوة الإيرانيين، وهذا الصحن متعدد الطوابق ففي بعض جوانبه أربعة طوابق وفي بعضها الآخر خمسة طوابق وهومقسم إلى ثلاثة أقسام فحوالي 40% قسم الزيارة و30% عبارة عن متحف ومكتبة، والقسم الإداري الآن أضفناه الى صحن فاطمة وقد الحقنا إليه أيضا مقام الإمام زين العابدين «عليه السلام» وحسينية الدرعية، لنمد هذا الصحن باتجاه بحر النجف ليتمكن القادم الى الصحن الشريف من جهة المحافظات الجنوبية والمحافظات الشمالية من الدخول من جهة مقام الإمام زين العابدين»عليه السلام» باتجاه صحن الإمام أمير المؤمنين عليه السلام.

كيف تمت معالجة الطريق الفاصل ما بين صافي صفا ومقام الإمام زين العابدين ومرقد الإمام علي عليه السلام؟
الآن الإخوة المهندسون منكبون على دراسة هذا الموقع نحن بعد زيارة الأربعين سوف نهيئ مقام الإمام زين العابدين «عليه السلام» ، وكما تعلمون إننا أزلناه لكي نبني المقام بما يتناسب مع رمزيته وقدسيته ولكي يكون هناك تناسق بين قبة الإمام أمير المؤمنين ومقام الإمام زين العابدين كالتناسق الموجود بين قبة أبي الفضل العباس والإمام الحسين عليهما السلام، فنحن أردنا أن يرى الزائر حين يتجه لمقام الإمام زين العابدين قبة هذا المقام الشريف وعندما يعطي ظهره الى المقام سيجد أمامه قبة الإمام أمير المؤمنين وبهذا سيجد أمامه هذا التناظر والتناسق التراثي والروحي الذي نسعى لتحقيقه في النجف الأشرف المقدس.
وفي ختام هذا اللقاء نوجه شكرنا الجزيل الى سماحتكم لاتاحة هذه الفرصة الطيبة للقاء بكم ونسأل الله العلي القدير ان يسدد خطاكم ويوفقكم لخدمة جدكم أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليه السلام.

نشرت في الولاية العدد 90

مقالات ذات صله