د. صلاح الفرطوسي
على الرغم من تفضيل الشيخ جعفر محبوبه والدكتور سعاد ماهر الشباك السابق على غيره من حيث جمال الصنعة ودقة الاعمال الفنية التي زينته فان الشباك الحالي يعد اعظم المشبكات التي وضعت على مراقد اهل البيت عليهم السلام وافخمها واغلاها ثمناً، واجملها ريازة وصناعة، وافخمها بين التحف المعروفة في العالم، لا يستطيع الناظر اليه الا ان يقف اجلالا واحتراما امام الصاغة المهرة والفنيين البارعين الذين استطاعوا انجاز هذه التحفة الفريدة التي يحار القلم في التعبير عن روعتها اهداه الى الروضة الشريفة امام البهرة الهنود السيد طاهر سيف الدين واشرف على صناعته وتذهيبه امهر الصناع الذين عرفتهم الهند، واستغرق العمل فيه خمس سنوات، ويقال: ان عمله احتاج الى عشرة ملايين غرام من الفضة وخمسمائة واثنين وخمسين الف غرام من الذهبِ، وصرف عليه في وقته ما يعادل ثمانين الف دينار.
وقد نصب في وسط الروضة فوق قاعدة من المرمر الايطالي النفيس بارتفاع 30 سنتيمترا كما ذكر الشيخ محمد حسين في كتابه تاريخ النجف الاشرف 1/438-440 وللشباك باب فضي يقع في اقصى الضلع الجنوبي من جهة الشرق على غرار ابواب المشبكات القديمة وكان هذا الباب في الازمنة القديمة لا يفتح لا لشخصية عظيمة الشان من العلماء والملوك والسلاطين ويفصل بينه وبين الصندوق الموضوع على المرقد الشريف قرابة متر من جهاته الاربع.
ويقفل بمفاتيح عدة ويفتح في الوقت الحالي مرة في كل شهر بحضور جميع اعضاء هيأة ادارة العتبة العلوية المقدسة، وأحد القضاة لاستخراج النذور منه، ثم توضع في اكياس من البلاستك وتغلق باحكام ويضبط عددها في سجل خاص يوقع فيه جميع الأعضاء بما فيهم القاضي الذي يحضر في هذه المناسبة، ثم تنقل الى مكان خاص لجردها وفي هذه الاثناء تنشغل مجموعة من الخدام بتنظيفه من الداخل والخارج وتنظيف المرقد وجميع مرافقه، ويحضر في هذه المناسبة بعض الضيوف للتشرف بالزيارة والصلاة، وقد فزت بعد غربة دامت اكثر من عقد ونصف بزيارة الامام عليه السلام وشُرفت بتاريخ 13 ذي القعدة لسنة 1429هـ الموافق/12/11/2008م بزيارة الامام عليه السلام برفقة اعضاء الامانة وبعض الضيوف، ودخلت من باب الشباك الى جانب صندوق المرقد المقدس ووفقني الله للصلاة عند رأس امير المؤمنين عليه السلام، وقد تركت قدسية هذه المناسبة في نفسي من الاثر ما يعجز لساني وقلمي عن وصفه.
وذكر الدكتور حسن الحكيم في كتابه (المفصل) 2/60 انه في الثالث عشر من رجب سنة 1361هـ /27 يوليو 1942م وبمناسبة ذكرى ولادة الامام امير المؤمنين عليه السلام رفع الستار عن هذا الشباك واقيم حفل كبير رسمي وشعبي حضره رئيس الوزراء نوري السعيد وعضو مجلس الاعيان السيد عبد المهدي المنتفكي والقيت فيه كثير من الكلمات والقصائد ذكر بعضها الدكتور المذكور.
وابدى جميع من كتب عن الضريح من المحدثين شديد اعجابهم به ونعتوه باجمل النعوت وهو حقا واحد من اجمل الاثار الفنية في العالم، وسأعتمد في وصفه على ما بيّنه الشيخ محمد حسين الذي ذكر انه محاط باربعة اشرطة كتبت بحروف ذهبية بالصورة الاتية:
الشريط الاول: وهو في الاسفل كتبت فيه قصيدة للمتبرع طاهر سيف الدين وقد ابدلت بها من بعد قصيدة ابن ابي الحديد العينية في مدح امير المؤمنين عليه السلام، بعد كتابتها في ايران على شريط من الفضة بالميناء الازرق والالوان الاخرى، ووضعت فوق قصيدة المتبرع، وحوى هذا الشريط او الكتيبة كثيرا من روائع فن صناع الفضة والذهب المرصعة بالميناء المتعدد الالوان، وقد فصلت بين هذه الروائع احاديث نبوية شريفة.
الشريط الثاني: كتبت عليه سور من القرآن الكريم بدئت بسورة الدهر من الركن الجنوبي الغربي ثم تلتها سورة الغاشية والانشراح والكوثر والإخلاص، واية الكرسي.
الشريط الثالث: وهو فوق الثاني وكتبت عليه مجموعة من الاحاديث الشريفة الواردة في حق امير المؤمنين والائمة المعصومين عليهم السلام وتنتهي بالركن الجنوبي الغربي وفي ختامها كتب ما نصه: (عبد الله وعبد وليه امير المؤمنين عليه السلام الداعي الى حب ال محمد الطاهرين ابو محمد طاهر سيف الدين من بلاد الهند سنة 1360هـ/1941م)، وتحت هذا الشريط زركشة على الفضة تصور شجر الكرم يحمل عناقيد عنب كبيرة بارزة، وفوقه تجسيم تيجان على اعمدة صغيرة تعد في طوله 28 تاجا وفي العرض 22، وكتب في وسط كل تاج منهما اسم من اسماء الله تعالى بحروف ذهبية بارزة.
الشريط الرابع: وقد كتبت عليه سورة الرحمن، (وزينت شرفات الشباك العليا بكرات ذهبية كبيرة قائمة على الشريط الرابع عددها في الطول 28 كرة وفي العرض 22 كرة.. والشباك طوله الى الغرب خمسة شبابيك وعرضه الى الشمال اربعة).
نشرت في الولاية العدد 87