الشاعر السيد سعيد الصافي

لقاء/ احمد الكعبي

يصرخ الولاء الولاء في جنبات قصائده .. وتحس الدموع تقطر من مفردات اشعاره فتنساب على جنبات المنبر شعراً وجدانياً في اطار عقيدة الانتماء الحسيني.. والتمسك بالولاية الحيدرية. فالصافي مهجة المنبر المتألمة من حوافر الخيول التي تسحقه ونار الخيام التي تلسعه وعويل الأطفال الذي يهشم ضلعه ويمزق صدره فكيف لا وهو المصفد بسلاسل الأسر التي نسجت من سير سبايا الطف فكرا عاشورائيا .. وعبّدت درباً كربلائياً لينطلق الصافي بولائه على صفحات مجلتنا (الولاية)..

الوطن .. الغربة .. العودة .. ثلاث محطات في حياة الشاعر الكبير السيد سعيد الصافي الرميثي .. في اي المحطات التقيت بشاعريتك ؟
نشأت في اسرة تهوى الشعر ومنها الشعراء ومنذ عمر الثماني سنين تعودت السير على الاقدام الى قبر الامام الحسين عليه السلام وكانت في قرارة نفسي حاجة ملحة عند الامام ألا وهي ان يجعلني من خدامه ولقد كانت الذاكرة بالطفولة مفعمة في حفظ مستهلات قصائد الرادود المجاهد المرحوم ياسين الرميثي كلها بالإضافة الى مواضبتي إلى الحضور تحت منبره في المجالس الحسينية ففي الوطن شعري الغزلي وقصائد المنبر الحسيني التي لم تأت لها الفرصة لتقرأ .. واما الاسر فهو محطة الابداع حيث قرأ لي في معسكرات الاسر الرادود الحسيني الملا داخل رضا السماك الاموي الكربلائي مئات القصائد ومنها المتسمة بتصوير معاناة الاسر.
واما العودة .. فوجودي على منبر الحسين عليه السلام في روضته المطهرة اشبه بإنسان كان يغرق في حلم طويل وفجأة يصبح الحلم يقظة ولا استطيع ان اعبر اكثر من ذلك وتغمرني العبرة حتى اني لا اصدق نفسي وانا اقرأ الشعر في روضته المقدسة ولطالما تمنيت ذلك.
نظمتم نوعين من قصائد الشعر الشعبي .. الإلقائي والمنبري في ايهما ترك الصافي بصمته ؟
لي بصمات في الشعر الشعبي في اللونين الذين اشرت لهما ففي القصيدة التلقائية كانت (يا شعلان) التي نالت تعاطفا كبيرا مع الناس ومنها اقول:
زيح اتراب كبرك كوم بسك ما كفاك النوم يا شعلان
يالطولك …منارة ولو حجيت ..اوذان
تاليها لحد ضّمك عجيب شها الكصر كصران
ومن قصائدي المنبرية التي تركت اثرها في النفوس (يا علي بايعناك) و(زينب راح ابو الغيرة)و(يا زاير طوف مرقدها) و(هذا الغريب منين) وغيرها الكثير من القصائد التي تلهج بها الالسن
قصيدة (هذا الغريب منين)لها اثرها الخاص في افئدة المحبين لأهل البيت(عليهم السلام) ماذا تقول عن ذلك؟
لأنني نظمتها بأخلاص وروحية خاصة نابعة من قرارة القلب، والقصيدة التي تترك اثرها في النفوس لا بد ان يكون لها هدفٌ سامٍ تتطلع لهُ تلك النفوس.. فنظمت قصيدة (هذا الغريب منين) بحق سيدي ومولاي الامام الكاظم (عليه السلام) في سوريا حيث الغربة والمأساة والم الفراق عن بلد المقدسات والاحبة والاهل وهناك مقومات اخرى لإعطاء القوة في المستهل والنص فاللهجة الفراتية لها التأثير المباشر على المفردة الشعبية كما التعايش مع الموضوع بروحية وقد ابدع في قراءتها الحاج الملا باسم الكربلائي في سوريا والكويت والعراق ولازالت لها الحضور في مناسبة وفاة الامام الكاظم عليه السلام.
مع ما ذكرته من الاخلاص والروحية واللهجة والهدف هل تقيم لها مناسك خاصة لولادة كل قصيدة ؟
لكل شاعر مناسك خاصة كما له أيام تعدّ ربيع اشعاره فاذا اردت ان اكتب عن ليلة الحادية عشرة من محرم فاكتب عن هجوم الخيل ووصولها الى المخيم فأشعر بحافرها فوق جسدي و حرارة الظمأ في كبدي وكأن نار الخيام تشتعل في احشائي.
شاعر الدمعة في مناسبات اهل البيت عليه السلام ماذا يصنع؟
الاحزان والافراح الخاصة بالعترة الطاهرة عليهم السلام عندي لها شأن خاص جداً فأكون في حالة الهيام والانتماء الذي يترك اثره على قصائدي التي تنشد على المنابر في العراق وخارجه وبخاصة في دول الخليج وايران وسوريا ولبنان وغيرها من الدول الاسلامية والعربية التي فيها محبي اهل البيت عليهم السلام.
ما القصيدة التي يلهج بها لسان الصافي دائماً ؟
قصيدة قرأها الملا باسم الكربلائي (ذبيح مسلب ابن امي)
ما حكاية الاسر والشاعر جابر الكاظمي ؟
أُسرت بالحرب العراقية الايرانية في الثالث عشر من اذار عام 1982م لمدة ستة سنوات ومن داخل المعسكر تمكنت من بناء علاقة حميمة مع الشاعر جابر الكاظمي فقد كان يعدّ ويقدم برنامجا للشعر الشعبي في اذاعة طهران (القسم العربي) وكنت اواصله بالمراسلة حتى زارني في معسكر الاسر وعندما خرجت من معسكر الاسر اول أمر فعلته كان زيارة الأخ الكاظمي في داره بطهران فلقد كان الاسر بذرة الصداقة بيننا ولازالت مستمرة في خدمة اهل البيت عليهم السلام.
ما هي اول القصائد التي اثمرت تعاوناً مع رواديد الغربة ؟
اول قصيدة قرأها لي الرادود ابو بشير في ذكرى وفاة الامام الجواد عليه السلام وهي (رحمة .. عترة محمد للبشر) ثم كتبت مباشرة للملا جليل الكربلائي (مذبوح اخوية حسين .. بوية يابوية) ثم للملا باسم الكربلائي (يحسين ما تنشف بعد دمعتي.. سهم اللي صابك صابني بجبدتي).
تلقي قصائدك وكأنك تحي الشعر.. هل لطريقة القائك تصنع في الانفعالات او تلقائية الصافي ؟
انما هو اسلوب ولد عندي من خلال كثرة المجالسة والجرأة في القائي تعود الى كوني فنان مسرحي فقد سبق وارتقيت خشبة المسرح ولذلك لا اخشى الجمهور.. فأنا ممثل مسرحي وكاتب مسرحي ومخرج مسرحي
لمن تقرأ من الشعراء الشعبيين ومن الذين تأثرت بأسلوب الشعري؟
اقرأ للخالد عبد الامير الفتلاوي وعبود غفلة وكاظم منظور وهادي القصاب وتأثرت بأسلوب الكبير الشيخ عبد الحسين ابو شبع (رحمهم الله)
كيف نجد آثارك الشعرية والادبية في المكتبات الاسلامية ؟
تجدني من خلال دواويني العديدة التي لها الاثر الواضح في نفوس محبي العترة الطاهرة من خلال تكرار الطباعات لتلك الدواوين الموسومة (صبر العقيلة، الوديعة، دموع الصافي، دموع الطفوف، سلسلة ديوان السيد سعيد الصافي طبع الى الآن 5 اجزاء و4 اجزاء في الطباعة سوف ترى النور قريباً، ولدي ايضاً ديوان انغام الولاء يقع في جزأين في مناسبات افراح النبي صلى الله عليه واله وعيد الغدير الاغر ومواليد الائمة الطاهرين عليهم السلام) من إعداد الشيخ طاهر الشافعي.
ختام اللقاء ؟
اتمنى من خلال مجلتكم الغراء ان يصل صوتي الى اخوتي وابنائي من الشعراء والادباء الذين ينظمون لمظلومية الحسين عليه السلام ومعطيات كربلاء المقدسة.
ان يقرؤوا كيف كان يكتب السلف الصالح من شعرائنا الابرار القصيدة لكي تكون رسالة خالدة فيها من المعاني والمبادئ والقيم تجعل من الانسان الحسيني مشعلاً امام العالم.
وهناك قصائد متميزة وخالدة وسامية كانت سبباً في انتفاضة شعوب امام الظالمين وشعاراً للأحرار والثوار واخيراً وليس اخراً ادعو من الباري لنا ولهم قبول ما نكتب ولمجلة الولاية الاستمرار والنجاح لأنها صوت امير المؤمنين عليه السلام.

نشرت في الولاية العدد 112

مقالات ذات صله