اجرى اللقاء: مرتضى الخزاعي
بطلّ بصوته على آذان المستمعين.. فتدخل اشعة كلماته القلوب، يتكلم بشعور إنساني.. فيبث الكلمات في نسمات العاطفة مهاجرا بالأرواح عبر الأثير.. يخط الابداع بفخامة وثراء وحكمة.. إنه الاعلامي مرتضى الحمامي.. من الشباب الذين تميزوا في سماء الإعلام وتألقوا في افق الشعر..
من مرتضى الحمامي؟
أنا واحد من جنس يسمى جنس البشر يعيش على هذا الكوكب الصغير الذي كان من المفترض ان يعيش بحب، لكن شاءت وحشية هذا المخلوق ان يكون تحت رحمة القلوب السوداء.
كيف بنى الحمامي نفسه؟
بدأت بترميم نفسي على انقاض مكتبة الوالد أطال الله عمره، طفولتي كانت في ذلك البيت الذي مساحته 45م2، اضطرت الظروف والدي الى ان يجعل من مكتبته غرفة شببت فيها أنا وإخوتي، وهنا في هذه الغرفة بدأت رحلتي مع الكتب.
متى انضم مرتضى الحمامي الى قافلة الشعر؟
ما زالت اذكر المحاولات الأولى التي بدأت فيها بكتابة الشعر عندما كنت في الصف الرابع الابتدائي، وربما في مقاييس اليوم لا يعد شعرا ولكني كنت سعيدا به وكنت أتوق الى جمعه، وفعلا جمعته عندما كنت في الصف الثاني المتوسط في ديوان لا اذكر اسمه بالتحديد لكن كنت سعيدا جدا بتلك البدايات.
ما علاقة الشعر بالإعلام وكيف دخل الشاعر الإعلام؟
الشاعر يولد فوضويا في حياته منظما في قصيدته، والإعلام اضاف لي التنظيم في حياتي، فالشاعر يعيش داخل أشكال ليست هندسية، لكن الإعلام هندس حياتي هندسة مستقيمة.
دخلت هذا العالم وكنت أقدم رجلا وأؤخّر أخرى، دخلت الإعلام رغم هوى قلبي وطوعا لعقلي لأنني أؤمن بأن على الإنسان ان يتقدم؛ لأن من تساوى يوماه فهو مغبون.
ماذا اضاف لك الإعلام أيضا؟
الإعلام اضاف التنظيم كما أسلفت، وأيضا علمني كيف أسعى وراء اكتشاف الحقيقة، عرفني ان على الشاعر ان يتوقف عن كتابة القصيدة ردحا من الزمن ثم يرجع إليها رجوع العاشق لمعشوقه، الإعلام اضاف لي الكثير واضاف لقصيدتي الكثير.
هل الإعلام أوقفك أو أخرك عن الشعر؟
الجميع يعلم ان الشاعر لا يستدعي القصيدة بل هي تدخل عليه دون موعد سابق، فاذا اردت ان تكون شاعرا حقيقيا عليك أن تترك ابوابك ونوافذك مفتوحة تحسبا لأي قصيدة قد تقتحم عالمك، وقفت طويلا على طرقات الشعر انتظره فأناعلى استعداد دائم لقدوم القصيدة ولم اتوقف، بل الإعلام علمني ان اتوقف عن الكتابة كما أسلفت ثم أعود بشغف ليحتضن قلمي قوافي الشعر بشوق.
اين تجد نفسك في الشعر؟
أجد نفسي عند القصيدة التي تسجل اقل حضور جماهيري، التي تكتب احرفها من بين الدموع، عند القصيدة التي تغلب فيها العاطفة على العقل، لا شك ان القصيدة التي فيها حضور العاطفة اكثر من العقل تكون اقل في مستواها الفني لكنها تكون جياشة ومليئة بالعاطفة، ولا يخفى ان الشعر جنة الله التي سقاها محبة في صدور الناس فالشعر يحبه الرجل، ويسحر المرأة ويحمل الطفل الى عوالم راقصة بالبراءة وينهض بالمؤمن الى مراتب من الرقي الروحي في ايمانه.
ماذا عن الشعر الحسيني والشعر الولائي؟
القصيدة الولائية لها كل الفضل على الشعر العربي ما عاش، والأمة العربية هي أمة الشعر، والشعر العراقي سيد الشعر العربي، ومن خلال تجوالي في المغرب العربي وسوريا ولبنان وفلسطين وجدت أن اغلب شعراء هذه الدول يقرون بسيادة الشعر العراقي ولم تحصل هذه السيادة الا بالشعر الحسيني، إذ ان كرامة القصيدة وهيبتها تستمد من الحسين(عليه السلام).
إن اغلب الشعراء كتبوا شعرا في القصيدة الحسينية لأنها قضية انسانية لم تخص فئة معينة وهذه الإنسانية اضافت الكثير للشعر لأنها قصيدة حملت القيم الإنسانية العليا مستندة الى مبادئ الإمام الحسين الخالد الذي مد الشعر من خلوده.
كل ألوان الشعر كالمديح الغزل الهجاء وهكذا الألوان الأخرى احيانا تبرد وتتلاشى، الا أن الشعر الولائي الحسنيي يبقى جذوة مشتعلة أبد الدهر لا يبرد ولا يتلاشى، ومن هنا جاء فضل القصيدة الحسينية على الشعر العربي.
ما علاقة الحمامي بالأستوديو والمايكروفون الاذاعي؟
ولدتني أمي قبل 28عاما لهذا العالم الرحب الواسع المليء بالضجيج، ولكنني كلما دخلت الى الاستوديو الاذاعي اشعر اني عدت الى بطن امي، إذ أشعر انه يمدني حبا وحنانا وغذاءً.
والمايكروفون صديقي الصدوق الذي لم يخني يوما، وقد حاولت ان أرضيه دائما، وقد اخذني الى أماكن لم أكن اتوقع انني سأصل اليها يوما، لذا فهو الصديق الوفي الذي لا افارقه الا على أمل ان التقي به مجددا.
الحمامي الشاب الناجح لمن يعود فضل نجاحه؟
ان كنت ناجحا ـ وهذه شهادة منكم اعتز بها ـ فإن الفضل الأول يعود لله عز وجل الذي خلق هذا العذاب الحلو داخل صدر الشاعر، والفضل الثاني يعود لكائن خلقه الله من طين الشموخ والرفعة والثقافة والمنفعة، مدرس خرّج اجيالا: انه أبي، وبالدرجة نفسها كل الفضل لمن ما زلت -الى الآن- اتغذى من معينها أجمل القصائد: أمي، فضلا عن اساتذتي وزملائي واصدقائي فلهم كل الشكر والامتنان.
كلمة مرتضى الأخيرة؟
لي كلمة أولى لمجلتكم المباركة، أحس منكم هذه الحرارة والإصرار والعزم والسعادة والاستعداد، حتما اذا استمرت هذه الأمور فسترقون الى مصاف الابداع والتميز، مجلتكم على الطريق السليم لأنها تصدر من مكان جمع الإنسانية والابداع والرقي، وحتما سيمدكم باذنه تعالى بالقوة والعزيمة والاصرار، فسيروا موفقين..
كلمتي الثانية علينا جميعا – وأنا انصح نفسي أولا – ان أكون أنا في قصائدي، وقصائدي أنا فإذا انكسرت مرآة بيتي سأعلق قصيدتي لأرى فيها نفسي.
كل الشكر والامتنان لمجلتكم الموقرة.
نشر في الولاية العدد 79